|
المسأَلةُ الآنَ هِيَ الفيءْ؛ ليس لأنّ الشمسَ - كما هيَ عادتُها - دانيةٌ منّي..
ليس لأنّ الضوءَ يُعاكِسُ ضوءَ الكاميرا، والصورةُ بالضوءَيْن ستَحْترقُ..
ليس لأنّ حرارةَ قلبي عاليةٌ، تحتاج إلى كأسٍ من ليمونٍ معصورٍ بالثلجِ..
المسألةُ الآنَ - تقول العرّافةُ: في هذا الوقت من اليوم الأوّل فِي الرؤيَة - أَنْ تَجِدَ الفَيءَ، وأَنْ تَثْبُتَ كلتا قدميك عليه.
oانْظُرْ.. ها أنتَ ترى الأشياءَ -على قَدَرٍ- واضحةً، ليس الغَبَشُ البَاهِتُ مِنْ خارجِ رُؤْيَاكَ، تَحكَّمَ فِي حدقات العين شمالاً ويميناً، لا تستسلِمْ حتَّى ينقَشِعَ الغَيمُ، ويدنُو من أنفكَ قَوْسُ قُزَحْ
الدَّرْسُ الأوّلُ فِي الرُّؤْيَةِ -قالتْ- أَنْ تجدَ الفيْءَ وراء جفونِكَ إنْ أغمضتَ العينينْ.
المَنْزِلَةُ الآنَ التَّجْرِيْبُ:
وسادةُ ريشٍ من طيرِ نَعَامٍ محلوجٍ باليَدِ؛ لَمْ يُؤْذَنْ لَكَ إلاّ بالتجريبْ.
***
دَرْسٌ فِي النيَّة
المسأَلَةُ الآنَ هي اسْتِكْمالُ الدَّرْسِ الأوّل فِي الظلّ، وما الفرقُ المخْفِي المكتوم لدى أهل العلم، هل يكفي العَيْن قليلٌ مِنْ فَيْءٍ مَنْحُولٍ... الظلُّ رَقِيْقٌ يُعْتَقُ بالموتِ، الفَيْءُ يجاوزُ مفهومَ الموتِ وتسقط فيه مفاهيم تتحدّر من فلسفة اليونانِ وحتّى فلسفتي.
الدَّرْسُ الثَّانِي: النيَّةُ
هَلْ تَنْوِي الرُّؤيَةَ أَمْ أَنّ الشُّهْرَةَ تَسْتَهويكَ؟
النيَّةُ للرُّؤيَةِ خالصَة، لا طمعاً، لا رَغباً فِي كشفِ المخبوءِ، وإلاَّ وَقَعَتْ نفسكَ فِي عينِ الغَايةِ، والغَايةُ تُبْعِدُ صَاحِبُهَا
الغاياتُ شَرَكٌ، والبعضُ يقولُ: الغايةُ شرْكٌ.
المَنْزِلَةُ الآنَ التَّجْرِيْدُ...
إِزَاحَةُ أَوْهَامِكَ عَنْ نفسِكَ بَدْءاً
ثُلُثُ الليلِ تُفكِّرُ بالتَّجْرِيْدِ، النفسُ لَبُوسٌ لا يُخْلَعُ قُمْصَانُهُ سهلاً.
***
دَرْسٌ فِي المعرفة
المسأَلَةُ الآنَ الإيْمَانُ بأنَّكَ مَسْجُونٌ ضِمْن سياجاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، دَعْكَ مِنَ الأَسْرِ الخارج عنكَ وفكِّرْ في أَسْرِكَ نفسكَ فِي حلقاتٍ كُثْرٍ..
إنَّ الإيْمانَ بأنّكَ مسجونٌ، ثُمَّ الإيمانَ بأنّك لن تقدر أن تفلُتَ مِنْ هذا الأَسْرِ لعلّه سوفَ يُحرّر ما كبَّل روحكَ من أملٍ موهومٍ،
لستَ منَ الطينِ كما تَحسبُ حرفيّاً، لَسْتَ خُرَافيّاً بَلْ مَجْبولاً مِنْ أملٍ تلحقه كُلّ صباحٍ، أو ليلٍ ترصدُهُ حتّى يهديكَ العثَرَاتِ فَتَقْعُدَ فِي حَسراتِ الخَيْبَةِ:
لَوْماً
إنَّ العُمْرَ تَوَلَّى، أَيْنَ الضحكاتُ إِذَاً؟
قِفْ فوقَ غرورِكَ، هذا التيهُ الأَعْمَى
أيُّكُمَا أَسْمَى
عِلْمُكَ أَمْ جَهْلُكَ أَنَّكَ تَعْلَمُ!!؟
هذا الدَّرْسُ الأَعْظمُ في المعرفةِ أن تفلت مِنْ شركِ الطاغوتِ المعلومْ
المنزلةُ الآنَ: الشكُّ
وأنتَ ترى الأَوْثانَ علَى هيْئتِكَ الثكلى هَلْ تلمحُ فيها خِدْعَتَك الكبرى أَنَّك تعلمُ أينَ، وإلى أينَ...
المعرفةُ الحرّةُ عدلٌ بين سدانةِ ظُلْمَيْن.
***
دَرْسٌ فِي الرَّفْضِ
المسألةُ الآنَ هِيَ الرّفضُ: فكيفَ تُحرِّفُ ما أَلْقَاهُ الجبرُ عليكَ، وكنتَ طريّاً، فجُبِلْتَ تظنُّ الخوفَ سياجاً، شكَّلَكَ الأَبَوَان علَى العصيانِ، كأنَّهما نهرٌ......
الرَّفْضُ يكونُ هُنَا، (أيْ) في القلبِ محلُّهُ بَدْءاً ثُمَّ إليكَ يؤوبُ الطيرُ الشاردُ عنْ سِرْبِهِ، يَعْرِفُكَ الخارجُ عَنْ دَرْبِهِ، يَأْتِي قِبْلَتَكَ الجِدّةَ كُلُّ شَبِيْهٍ يَرْفُضُ فِي قَلْبِهِ، حتَّى يَتَنَزَّلَ فِي الأَرْكَانِ جميعاً إِلْفَةُ حِلْفٍ مَعْقُودٍ بالأَنْبَاءِ؛ أَزِحْ غُلْظَةَ رُوْحِ العُقْبَةْ
وَاثْبُتْ فِي النّعْمَةِ موزونَ الرُّكبةْ
لَيْسَ لَهُ -العُمْرُ- إذَا انحَلَّ إزَارَهُ أوبةْ
فارْفُضْ كُلَّ وعُودٍ، إِنْ سَاوَمَكَ المَوْتُ فغايتُهُ: إنَّ قَطِيْع الرَّاعِي نِعْم المأوَى.
المنْزِلَةُ الآنَ: هِيَ الغُرْبَةْ.
***
دَرْسٌ في الخَوفِ
المسأَلَةُ الآنَ هِيَ الخوفُ، وسؤالٌ في القلبِ، وكيف يكونُ العُمرُ إذا لم يتَسَوَّره الوعي؟!
أيُّهما دلَّ على الآخر حتّى يستيقظَ من غَمْرِ الغيب: الخوفُ أَمِ الوَعي؟
مَنْ قادَ الثورة حتّى نهضَ الضوء في العين وراحت تمنح للأشياء دلالاتٍ، أسماء؛ دَعْ ما يُفسد في القلب مسائله، وانْتَبهِ الآنَ تماماً:
إنّ الغَفْلَةَ كَيْدٌ
إنَّ الرَّهْبَةَ وَأدٌ
وتذكّرْ: بعضُ الخوفِ يقودُ الوعيَ إلى عِتْقٍ، وبعضٌ يرميه في دائرة القطعان.
المنزلةُ الآنَ: هي الحكمةُ
والحكمةُ حظٌّ، لا تُؤتى بالسعي إليها... فاصْبِرْ.