إذا كانت البلاد تختلف فيما بينها على مستوى الظروف السياسية، والأوضاع الاقتصادية، والأحوال الاجتماعية، والتركيبة السكانية، فهل يعني هذا أن تحولها العام أو تغير نظامها لا بد أن يكون مختلفاً أيضاً؟
بقياس ما جرى في البلدان العربية، التي قامت بها ثورات شعبية وصفها الغرب بـ(الربيع العربي) يمكن الإجابة بنعم، فالثورة التونسية (الياسمين) أجبرت بن علي على الفرار، والثورة المصرية خلعت مبارك بالعصيان والتظاهر، والثورة الليبية غلب عليها العنف فقامت الحرب على القذافي حتى قتلته، أما اليمنية فكانت أقرب للمصالحة بمعاونة جيران اليمن، أما الثورة السورية فقد جمعت كل خصائص الثورات العربية من عصيان وتظاهر وحوار ووساطة وحرب.
بل إن ثورات عالمية مشابهة تعزّز الرأي القائل بأن ردة فعل الشعوب وتشكل ثورته لتغيير نظامه محكوم بطبيعة البلد نفسه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، سواءً كانت قديمة كالثورة البريطانية عام 1688م مقارنةً بالثورة الفرنسية عام 1789م، أو معاصرة كالثورة البنفسجية في تشيكوسلوفاكيا، التي أطاحت بطاغيتها تشاوشسكو عام 1989م، أو الثورة الوردية في جورجيا التي أدت إلى خلع ادوارد شيفرنادزة عام 2003م، أو مثيلتها الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004م.
غير أن الأهم في فرضية (ارتباط تغيّر نظام أي بلد أو إصلاحه محكوم بطبيعته)، لا ينحصر في أمثلة الثورات فقط، سواءً كانت نتاج عصيان مدني أو مظاهرات احتجاجية أو عنف مسلح! فهناك تغيير وإصلاح يسيران بهدوء وبسلاسة في بلد ٍما دون أن تسقط قطرة دم واحدة، أو يهتز حال الأمن، أو يختل ميزان العدل، ما يعني أن لكل بلد (ربيعه) الخاص وفقاً لحجم الفساد الذي يعشش في جنباته، أو كثرة المظالم التي تقع على أبنائه، أو حال الفقر الذي يضرب بين أطنابه حتى ألغى كلمة تنمية من قاموس تعليمه، ولعل المملكة المغربية مثال على التغيير الإيجابي والإصلاح الواعي والمشاركة السياسية الواسعة دون الدخول في فوضى العنف أو التظاهر، حيث نجحت قيادته السياسية الواعية في الوصول ببلدها نحو شاطئ الأمان رغم تلاطم أمواج الهدير العربي هنا وهناك، كما نجحت مملكة البحرين الشقيقة في وأد الفتنة الداخلية واستباق التدخل الخارجي الصفوي بتعزيز اللحمة الوطنية ودعوة المعارضة إلى الحوار الوطني، الذي يضع في أولويات اعتباراته المصلحة الوطنية العليا من حيث السيادة البحرينية التامة، كما لدولة الكويت الشقيقة تجربتها الرائدة في العمل الديمقراطي في ظل أجواء سلام عام والتحام تام بين القيادة وشعبها، رغم الحراك الشعبي بما يخص الحياة البرلمانية.
وعليه فإذا كان لكل دولة تجربتها الإصلاحية نحو الرقي الحضاري، فإن لكل بلد خليجي (ربيعه) الخاص، الذي ينسجم مع طبيعة نظامه السياسي ووضعه الاقتصادي ومشروعه الإصلاحي المستمر بما يتفق مع تطلعات شعبه. والمملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- تعيش مرحلة مزدهرة وتنمية شاملة وعمليات إصلاح مستمرة، داعياً الله عزَّ وجلَّ أن يديم عليها نعمة الأمن والأمان والخير في الإنسان والكيان.
moh.alkanaan555@gmail.comتويتر @moh_alkanaan