يعرف هذا الفن الجديد على ساحتنا بأنه كوميديا (الوقوف).. هذه الترجمة الحرفية! وهو نوع من الارتجال المسرحي يناقش مواقف حياتية في قالب من الكوميديا. ظهر هذا النوع من الفن في عشرينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية مع عروض الرجل الواحد على المسارح وأمام الستار قبل بدء حفل موسيقي ثم تطور في الخمسينيات والستينيات إلى فقرات خاصة انتقلت للنوادي الليلية والمطاعم وفي الثمانينيات كانت الذروة مع انتشار نواد كوميدية خاصة في نيويورك ومنها بدأت شهرة نجوم وكتاب ومخرجي كوميديا معاصرين مثل روبن ويليامز وودي آلان.‏ فنان الـ(ستاند آب كوميدي) فنان شامل يكتب ويخرج ويمثل ويرتجل معتمداً على تناول أهم قضايا مجتمعه مع التركيز على الظواهر السلبية.‏

أمانة منطقة الرياض والتي تساهم في صناعة وإدارة الجزء الأكبر والمهم من الحياة الترفيهية في مدينة الرياض عودتنا على التنوع في برامجها وتعدد الشرائح الاجتماعية التي تستهدفها، مساء الخميس الموافق 2-5-1434هـ. دخلت مبهورا إلى مسرح مركز الملك فهد الثقافي، كان الجمهور يفوق الثلاثة آلاف شخص أجلسني المنظمون في منتصف مقاعد الجمهور بين آلاف من الحناجر الهاتفة، شعرت لأول وهلة انني في حفل مدرسي وان اولئك طلاب المرحلة المتوسطة! كان الحضور يستثارون مع كل حركة إضاءة ومع كل نغمة موسيقى! شعرت أن حضورهم كان للمشاركة أكثر منه للمشاهدة بعضهم من شدة الحماس كان واقفا، مع إطلالة أي من نجوم الحفل فهد البتيري - نوفل - إبراهيم صالح - فادي الشهري - ميسيسبي إبراهيم كان دوي الهتافات يصم الآذان! هدير الآلاف كان يكفي ليشعرك بتعطش هذه الشريحة للاحتفال والتفاعل! شريحة الشباب بين 12 و 17 سنة هي شريحة منسية عند مصممي برامج الترفيه وغيرهم، وهي فئة محدودة الحركة بسبب أن الغالبية لا يستطيعون قيادة السيارة أو لا يمتكلونها .. هذه الفئة شعرت وانا بينهم بانها الشريحة المحرومة فهم لا يغشون المقاهي وليس لهم من سبيل إلى الاستراحات، لذلك كنت اتساءل وانا بينهم كيف يقضي هذا الشاب وقت فراغه؟! وهل تعرف الجهات ذات العلاقة بأن هذه الفئة سقطت من حساباتها؟ وهل أولئك أساسا يرون ما تقدمه الجهات الرسمية من فعاليات وبرامج مناسبة لهم وتتماس مع ما يريدون! هذه الفئة التي جلست بينهم وتحدثت مع بعضهم هي فئة تشكل نفسها بعد أن خرجت من جلباب المجتمع بأفكارها واهتماماتها وحتى نجومها! أولئك هم زبائن ومرتادو برامج اليوتيوب ولهذا فهم جمهور متابع لنجوم الاستاند اب كومدي لاأحد يعرف عنهم الكثير! حتى اخرجتهم الامانة من بيوتهم ليتم الكشف عنهم في ذلك المساء، لا اعرف لماذا شعرت بالتعاطف معهم وانا اشاهد مدى تشجيعهم وصراخهم وتصفيقهم للنجوم الذين يحبونهم. فذلك كما قلت اثار عندي الكثير من الاسئلة عن كيفية قضائهم لوقت فراغهم! وهل هناك وسائل بالتأكيد انها ليست رسمية تسهم في تنشئة هذا الجيل القادم والذي ينفصل عن خط سيرنا ليضع له خط سير مختلف! أدهشني في الواقع قدرة نجوم الحفل على مسك زمام الحديث رغم المقاطعات والهتافات التي يثيرها حماس الجمهور، فالسيطرة على مثل هذه الحشود التي تتوقع من نجمها المفضل فتح باب الضحك على مصراعيه. وان يستمر في سرد مايفرح ودهش ويفاجئ هو امر في غاية الصعوبة.. لم يكن النجوم على مستوى واحد من الأداء والقدرة على التأثير فلقد تفاوتت مشاركاتهم وفق امتلاك القدرة على التواصل والاعداد الجيد، فالوقوف على خشبة المسرح ليس امرا سهلا. مثل هذا (الشو) لا يحكم بمعايير المسرح التقليدي بما لديه من رسالة، لن اطالب بتحميله مالا يستطيع من رسائل لاتتناسب معه كمشروع ترفيهي ارتجالي، ولكن ماذا لو جعل كل متحدث هدفا نبيلا يسعى إليه يضمنه حواره المسرحي مع البعد عن الإيحاءات بكافة أنواعها! اشتعلت القاعة تصفيقا عندما تحدث أحد النجوم عن قيمة اجتماعية وهي احترام الكبير وتقبيل راسه عند السلام عليه. هذه قيمة اجتماعية تكاد تندثر تم تمريرها بذكاء دون أن يؤثر ذلك على السياق العام والمتعارف عليه للاستاند أب كوميدي، لقد وفقت الامانة عندما اخرجت اولئك النجوم من اجهزة الايباد وغيرها إلى خشبة المسرح، ليتواصلوا مع جمهورهم وجها لوجه في ليلة حملت الكثير من الترفيه واثارت بالنسبة لي أسئلة حول هذه الشريحة من المجتمع التي لا يحضر أفرادها بنفس الكثافة البرامج والفعاليات المعتادة، لذلك فهم بحاجة إلى برامج وفعاليات متخصصة تتناسب مع أعمارهم واهتماماتهم.