تحقيق - عبدالهادي بن مجنِّي:
لقد مضى أصحاب تلك الصور وتغيرت معالم الحياة وذهبت الأيام والأعوام تطوى على سجل الدهر وأنا لا أستقر على حالٍ ولا يهدأ لي بال حتى أجد شيئاً عن تاريخ العرضيات هذا الجزء الغالي من بلادنا وكنت ابحث في كتب التراث كثيراً عن بلاد العرضيات المنسية التي كان قدرها أنها بين إقليمين كبيرين (عسير والحجاز) وموقعها بين جبال تهامة والتي تحيط بها كالسوار بالمعصم ولقد مضى وقت طويل على التقاط تلك الصور التي كانت حبيسة ذلك المتحف حتى بعثناها من مرقدها ، ووفقنا الله في الحصول عليها فرأيت من واجبي وبعد مضي سبعين عاماً أن أقوم بنشرها ومن حسن الطالع أننا نطرحها اليوم تزامناً مع ولادة المحافظة الجديدة.
وأضيف إلى كل ما تقدم من أمور أن الحياة الاجتماعية لسكان بلاد العرضيات قديماً كانت تشكل لغزاً للباحثين لكونها كما أسلفت منطقة داخلية لم تكن إحدى طرق القوافل القديمة ولم تخدم تاريخياً بما يكفي وما دونه المؤرخون كان جلُه نقلاً عن الروايات الشفوية لمعاصري نهاية تلك الحقبة أما بالنسبة لمشاهدات الرحالة منذُ عقدين أو ثلاثة عقود فلم تفيدنا عن حياة الأجداد في الماضي وهدفنا الذي كنا نسعى إليه لنسبر أغوارها في القرن الماضي والقرون التي قبله وبفضل من الله ومن خلال البحث عن صور فوتوغرافية للجزيرة العربية في القرنين الماضيين تم العثور ولله الحمد على صور فوتوغرافية قديمة بأحد المتاحف في لندن وقد التقطت منذ سبعون عاماً في بلاد العرضيات كان قد أخذها الرحالة الانجليزي ويلفردثيسيجر سنة 1365هـ وهو في طريق رحلته إلى مرتفعات عسير فكان مروره عبر محافظة العرضيات قادماً من شمال تلك البلاد باتجاه جنوب العرضيات بداية من قبيلة بالعريان وبني سهيم والعوامر مروراً بشمران وبلقرن في العرضية الجنوبية حيث كان هو ومرافقوه يواصلون السير على الجمال ليلاً ويتوقفون في النهار فيقوم بتصوير الأهالي في القرى والجبال والأودية والمعالم المشهورة والأسواق الشعبية وقد توقف في إمارة ثريبان والتقط صوراً لأميرها آنذاك وموظفو الإمارة وبعض سكان مدينة ثريبان, وثريبان اليوم المدينة السعودية الحالمة والتي تقع بالقرب من الجبل التاريخي المشهور جبل حضوضى بها كثير من الخدمات التي تؤدي دورها في التكامل الاجتماعي في بلادنا.
أما ابرز الصور تلك فكانت لـ(غار القلاده) في شمال محافظة العرضيات وهو من المعالم المعروفة لأهالي المنطقة قديماً وإنني في مقالي هذا أشيد ببعض الأصدقاء الشباب الذين تفاعلوا مع صورة ذلك الموقع وغيره وقاموا بتصويرها وعمل مقارنة بينها قديماً وصورتها اليوم.
وفي صبيحة اليوم التالي من زيارة الرحالة لمدينة ثريبان وفي برد الصباح واصل سيره وسط حشد من القرويين إلى سوق الثلاثاء وقد حظي ذلك السوق في قبيلة عماره بالحظ الأوفر من تلك المشاهدات والصور والتي سوف ندرج البعض منها هنا .
وقبل كتابة هذه السطور تحدثت إلى سعادة محافظ محافظة العرضيات الأستاذ/ عمران بن حسن الزهراني وكانت البداية عن تاريخ بلاد العرضيات منذُ خمسون عاماً وقبل صدور التقسيم الإداري للشمالية والجنوبية حيث كانت تحمل اسم إمارة العرضية فقط وتحدث سعادته عن تاريخ إمارة ثريبان وما كان لتلك المدينة من أهمية لدى جلالة الملك المؤسس وتحدثنا عن وثيقتين أرسلها رحمه الله في خطابه للأهالي تحدث فيها عن أهمية بلاد العرضية.
ومن جانب آخر وعن آمال وتطلعات الأهالي للمحافظة فقد اخبرني سعادة المحافظ بأن المحافظة ستسعى في هذه المرحلة لترقية خدمات المركز إلى خدمات أفضل تواكب المحافظة والرفع للجهات المعنية بإنشاء كليات جامعية بالعُرضيات وفرع للكلية التقنية والبدء في إنشاء الطريق المزدوج وما من شأنه أن يعود بالنفع على الأهالي ، وأضاف أنه سيسعى في توزيع الخدمات بين المراكز بالتساوي .
وأخيراً وقبل أن أختم أود أن أضيف أنني قبل سبعة أشهر كانت نيتي أن اجمع سفر عن ما يسمى بلاد العرضيات ولكن مشيئة الله حالت دون ذلك بعد أن ناصفت الطريق. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
bnmgni@hotmail.com