لا أعرف سببًا مقنعًا لاختيار وزارة الثَّقافة والإعلام في معرض الرياض الدَّوْلي للكتاب مكانًا مخصصًا لتوقيع المؤلّفات بمنصة منعزلة، وفي (قفى المعرض!) في منطقة منزوية، وتحديدًا عند المكان المخصص لكتب الأطفال! وقد كُتبت على منضدة التوقيع وبخط صغير عبارة (منصة توقيع النساء) وليس المؤلِّفات! في تلميح مبهم بأن المرأة لا ترقى لمسمى مؤلف، بل تظل في (رواق الحريم)! بينما حظي جميع المؤلِّفين وحتى المغمورين منهم بالواجهة الرئيسة للمعرض، وبمنصة شاهقة الارتفاع يعلوها كتابة بارزة تُوضِّح أن المكان مخصص لتوقيع المؤلِّف وإهدائه!
ولا شكَّ أن ذلك الإجراء من لدن الوزارة يدعو للإحباط والحزن والنكسة! في الوقت الذي نحمد ربَّنا على المكانة التي وصلت لها عضو الشورى من السيدات واتخذت مكانًا لائقًا بها وتظهر صورتها للملأ وعبر القنوات الفضائية بنقاب لوجهها أو حجاب لشعرها وهي تطرح فكرها ثقة بنفسها وإيمانًا بتقدير الوطن لها!
ولأن توقيع الكتاب يحدث وسط أمواج من البشر، إِذْ ليس هناك خلوة ولا ظواهرها؛ فلا داعٍ لمواراة المؤلِّفة في ذلك المكان البائس المنزوي الذي لم يكد يصل له القراء والمتابعون إلا بشق الأنفس وبعضهم عاد بالكتب دون توقيع!!
والمؤسف خذلان الوزارة لصاحبة المنشود كاتبة هذه السطور، حينما استلمتْ وكالة الثَّقافة كتابي قبل وقت المعرض بدعوى مؤازرة المؤلِّفات وتسويق كتبهن ومساعدتهن ساعة التوقيع، إلا أنَّها تخلت عني بعد حضوري للمعرض حسب الوقت المخصص، وتفاجأتُ بعدم تجهيز الكتب ورفض المُوظّفين المختصين مساعدتي في عملية البيع لأتفرغ للتوقيع، مما أضفى على المكان الفوضى وأصابني بالحرج لتجمهر النَّاس دون وجود كتب!! وأرجو ألا أكرر هذه التجربة المريرة في معارض قادمة ما لم تؤمن الوزارة بتقدير المؤلِّفة السعوديَّة.
وتزامنًا مع معرض الرياض الدَّوْلي للكتاب؛ اختلفت الصورة تمامًا في جامعة الأميرة نورة التي ليس من صلاحيتها تسويق الكتب أو مساندتها للكاتبات بحكم عدم التخصص؛ إلا أنَّها أوكلت لعمادة شؤون المكتبات بإدارة الدكتورة نجلاء العَمري وبمصاحبة الفريق المنظم استضافة بعض المؤلِّفات ومنحهن ساعتين كاملتين للتوقيع، مع التفرغ الكامل له، في الوقت الذي تَمَّ فيه تكليف موظفتين لبيع الكتاب على الطَّالبات بسعر خاص، مما أشاع أجواء من الهدوء ومناخًا من الانسيابية، وكان باعثًا على الارتياح، حيث جرى نقاش جميل وحوار شيق بيني وطالبات الجامعة النابهات أثناء التوقيع وبعده؛ وهو ما أشعرني حقًا بالسعادة لمقابلة مجموعة كبيرة منهن لديهن التوجُّه الصحيح للعلم، والإدراك الكامل للمهمة التي ستناط بهن، والطموح للتغيير الإيجابي، وبالفخر لوجود هذه الجامعة الفتية التي تمخر عباب المجد عبر الاهتمام بالطالبة الجامعية فكريًّا وعلميًّا ومهنيًّا وثقافيًّا، وهي مهمة شاقة، إلا أنَّها - رغم التحدِّيات - لذيذة وممتعة ومشوقة.
شكرًا لإدارة جامعة الأميرة نورة بقيادة الدكتورة هدى العميل على جهودها للجامعة وللوطن وعلى حسن ضيافتها وتقديرها للثقافة والعلم..
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny