خلق الله البشر من جنسين ذكرِ وأنثى قال الله تعالى في وحيه الطاهر: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} وكل جنسٍ مكمل للآخر لا مناص ولا حيدة في ذلك، ومن قال غير ذلك ضل ولا ريب، إذا هناك قصور عند الرجل تكمله المرأة وقصور عند المرأة يكمله الرجل. إذا من هذا التكامل بين الجنسين يعيش الجنس البشري في هدوء وسكينة وطمأنينة. إن بعضهم أحياناً لا يؤمنون بهذا التكامل والتلازم ولكنه حتمي الوجود. إن دور الرجل في المجتمعات البشرية هو دور الكل يعرفه لا أرجم بالغيب إن قلت: إن هذا الدور قد اتفق الناس عليه، ولكن الشيء المختلف حوله هو دور المرأة في المجتمعات البشرية. إلا أن الأديان السماوية قاطبة ولاسيما الدين الإسلامي قد أطر دور المرأة وجعله دورا طليعيا بيّنه الإسلام في كثير من نصوصه الشرعية. إن الرجل لن يكون ذا عطاءٍ فكري أو مادي خلاق إلا إذا اجتاز مدرسة المرأة وأي رجل لا ينجح من هذه المدرسة فإن عطاءه خداج منقوص لا يضيف للسجل الحضاري أي إضافة تذكر.. إذا من هذا وذاك نفهم جلياً أن المرأة هي صانعة الرجال وهي التي تعدهم لخوض معارك الحياة المختلفة. إن بعضهم يعتقد أن دور المرأة لا يتجاوز غسل الصحون وتنظيف المسكن والملبس وتربية الأولاد هذا مفهوم يعتد به عن دور المرأة إلا أن هناك دورا أسمى وأعظم تطّلع به المرأة للرجل ألا وهو سكن الرجلِ وهدوءه بعد أن أقلقته معارك الحياة وعاش في أحضان النجاح تارة وأحضان الفشل تارة أخرى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فمن مفهوم ومنطوق هذه الآية نعلم أنه لن يهدأ بال الرجل إلا بجوار المرأة.إذاً ليس ثمة مراء أن دور المرأة هو دور هام. وتعال معي أيها القارئ العزيز لأعطيك مثلا فيه يتجلى دور المرأة في المجتمع البشري.. عندما نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم لأول مرة في غار حراء ففزع الرسول-صلى الله عليه وسلم- من هول ذلك الموقف فجاء إلى زوجه خديجة بنت خويلد فزعاً وقص عليها القصة فهدأت من روعه والقصة معروفة لدى الجميع. وكذلك يوم أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- عصفت به الحياة يوم الحديبية وتلكأ بعض أصحابه في تنفيذ ذلك القرار الذي اتخذه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو حَلُّ إحرامه، في حينها لم يرق هذالقرار للصحابة الكرام، فذهب- صلى الله عليه وسلم- إلى زوجته أم سلمة رضي الله عنها وأعطته القرار الحكيم المعروف عند أهل الحديث والفقه وهو أن يحل الرسول- صلى الله عليه وسلم- إحرامه فلما رآه الصحابة رضوان الله عليهم فعلوا ما فعل ونزلوا عند قراره الذي اتخذه مستلهما إياه من أم سلمة. وبعد ذلك انحلت تلك الأزمة التي عصفت بالمسلمين. يا لها من امرأة عظيمة استطاعت أن تهدئ وتطمئن رسول البشرية، ودونكم مثال آخر تتجلى به صفات المرأة الحكيمة وهي يوم أن استشهد أبناء الخنساء الأربعة ولما وصلها خبر استشهادهم قالت: (الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم) إن مثل هذا المثال والذي قبله يندر وجوده عند أشد الرجال وأجلدهم. إذاً للمرأة دور هام يتجلى في إعداد الرجال وصقلهم لخوض معارك الحياة، إن دور المرأة والحالة هذه هو دور عظيم ورياديّ. إن تلك الحكمة التي تقول (وراء كل رجل عظيم امرأة) إنها حكمة صادقة حتى النخاع وفي هذا السياق يقول «طاغور» (إن المرأة هي الناقة التي تجعل الرجل يسير في الصحراء) ويقول كذلك «بسمارك» (إن المرأة هي التي جعلتني أنا أنا) إني حينما أقول: إن دور المرأة عظيم وأن هذا الدور ليس معناه أن دورها هذا نتعبد الله به لصلاح الآخرة والنجاة من النار وإنما نتعبد الله به لصلاح الحياة الدنيا، فإذا ما أردنا أن تستقيم المجتمعات البشرية فيجب على المرأة أن تطلع بهذا الدور السامي الذي يضاهي دور الرجل في المجتمعات البشرية.. إن المرأة تكابد المشاق في إعداد الرجال في الحمل والولادة قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} أليس ذلك دليلا دامغا على أن للمرأة دورا هاما تتجشم فيه الصعاب. ولكن إذا تخلت المرأة عن دورها فإن المجتمع برجاله ونسائه سيخفق قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:
من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علة ذلك الإخفاق
وختاما فإني أحب أن أنوه عن اعتداد ولاة أمرنا بالمرأة حيث إن مولاي وسيدي يثمن دور المرأة في المجتمعات البشرية وفي المجتمع السعودي خاصة، فكثيراً ما يقول في مجالسه المفتوحة إن المرأة في مجتمعنا لها خطوات وثابة في ازدهار هذا المجتمع ورقيه، فكثيرة هي الإشادة من قبل مولاي بالمرأة.