قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ..» صححه الألباني
تأمّل - أخي القارئ الكريم - قول النبي صلى الله عليه وسلم (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس)، ففيه إشارة إلى منزلة عظيمة جداً، ودرجة عالية رفيعة، ذلك أنّ محبة الله للعبد شيء عظيم، فإنّ الله إذا أحبّ عبداً جعل محبته عند أهل السماء والأرض، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنّ الله تعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إنّ الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض).
واعلم أنه عند قضاء الحوائج واصطناع المعروف يجب مراعاة بعض الأمور ومن أهمها:
1. الإخلاص في الأعمال وعدم المنّ بها قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: لا يتم العمل إلاّ بثلاث: تعجيله وتصغيره وستره، فإنه إذا عجَّله هنَّأه، وإذا صغَّره عظّمه، وإذا ستره تمّمه، قال رجل لابن شبرمة: فعلت بفلان كذا وكذا، وفعلت به كذا فقال: لا خير في المعروف إذا أُحصي.
أفسدْتَ بالمنّ ما أسديتَ من حسنٍ
ليس الكريمُ إذا أسدى بمنّان
واعلم أن من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال، واحتساب ثواب الأعمال في الآخرة.
2. إتمام العمل: قال أحد السلف: رَبٌّ المعروف أشد من ابتدائه. والمقصود برب المعروف إتمامه وتعهّده.
3. طلب الحاجة من الكريم دون غيره: فعندما يُطلب منك أي عمل فأعلم أنّ الحاجة لا تُطلب إلاّ من كريم وقد أحسن الظن بك من طلب أداء العمل، واستمع إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاثة لا أكافئهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسّع لي في المجلس، ورجل أغبرت قدماه في المشي إرادة التسليم عليّ، فأما الرابع: فلا يكافئه عني إلاّ الله عزّ وجلّ، قيل فمن هو؟ قال: رجل بات ليلته يفكر بمن ينزله حاجته ثم رآني أهلاً لحاجته فأنزلها بي.
4. الشكر والثناء والدعاء: وهذا أدب لصاحب الحاجة يفتقر إليه بعض الناس، وكان من الواجب على صاحب الحاجة أن يبالغ في الشكر والثناء والدعاء لمن قضى له حاجته ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، قال صلى الله عليه وسلم: «من صُنِعَ إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء».
قال بعض الحكماء: إذا قصرت يدك عن المكافأة فليصل لسانك بالشكر.
- ولن يبقى للإنسان إلاّ ما قدَّم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
- ومن يسَّر على مسلم يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والناس شهداء الله في أرضه.
أسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.