يتذمركثير من أبناء مجتمعنا الكريم، ويشتكي من تصرفات بعض أفراده مما يحدث من فوضى وتخلف وحماقات من بعض أفراده في التجمعات، أو ما يحدث من رعونة تصرفات بعض المسؤولين أو فظاظتهم، أو تملق بعض الضعفة للوجهاء، ويتذمرون كذلك مما يحدث من بعض أفراد المجتمع من مخالفات شرعية سواء من آحاد الناس أو ممن ينتسبون للمؤسسة الدعوية، كأئمة المساجد وغيرهم ممن تظهر عليهم سمات التدين والاستقامة، أوكذلك ما يحدث من تهور الشباب وتفحيطهم وما يحصل من مخالفات أخلاقية وسلوكية من الجنسين فأكثر أسباب هذه المخالفات هي نتاج ضريبة تهاون المجتمع، وعدم تحمله لمسؤولياته أمام هذه الفئات.. فهذه أكثر أسبابها نتيجة تفريط المجتمع في واجباته، فهو مشارك حساً ومعنى، مباشرة أو غير مباشرة في تكوينها... فيجب علينا أن نلتفت إلى أنفسنا ونقول لها بكل شفافية لماذا نشمت بهؤلاء ونذمهم ونتناول أعراضهم ونحن جزء من مشكلتهم، لماذا لا نقول: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} ونقول كما قال الخليل عليه السلام: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ} لماذا لا أستشعر أن لحمة المجتمع واحدة، وأن أبناء مجتمعي هم بَنيّ، وأن أبناء جاري وقريبي وأبناء كل مسلم هم أبنائي وفي ذمتي؟! هذا فضلاً عن أن أذمهم وأعاتبهم وأشمت بهم!! ألسنا جسداً واحداً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى!؟ أليسوا هم ضريبة تهاوننا؟ لماذا لا ندفع ضريبة السلامة والعافية؟
وأد زكاة العلم واعلم بأنها
كمثل زكاة المال تم نصابها
لماذا لا يقف المجتمع صفا واحدا أمام كل مخالف ويؤدي دوره الشرعي والوطني والاجتماعي ليشعر المخالف أنه ارتكب منكرا؟ ولو أخذنا مثلاً المتملقين الذين يضحكون على ذقون الوجهاء ويستخفون بهم، ويجعلونهم يهيمون في غياهب الخيالات ويصورونهم أنهم بلغوا الغاية التي لا تسامى، والمنزلة التي لا تضارى، فهم أيضا يعيشون على فتات تعجبنا وتصفيقنا ومدحنا لهم، فنحن نغريهم بالاستمرار ونترك خلف ظهورنا قوله- صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتم المدّاحين فاحثوا في وجوههم التراب!!) لماذا لا نناصح ونوجه ونوبخ من يتزيا بزي الدين وقلبه قلب الذئب العقور، لماذا لا نأطره على الحق أطرا!! ونشعره أن أمره مفضوح، وجرمه مكشوف، إن كل خطأ في المجتمع فنحن جزء من تركيبته {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. إذا رأيت شابا مبتلى بمخدرات أو سجن أو مخالفات، فهو إما ضحية أب سجين أو عنف أسري أو شتات عائلي أو يتم أو جهل أو............... فلماذا لا تكون أيدينا لهم وطيئة، وقلوبنا لهم ناصحة مجيبة؟
إذا مالدهر جرّ على أناس
حوادثه أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
إنهم أمانة في أعناقنا، وضريبة إهمالنا، فلا نكن قلة ضعفاء لا يتجاوز حدود نفعنا أروقة بيوتنا، وأرنبة أنوفنا، وليمتد خيرنا لغيرنا. والعرب تقول:
الحُمّرَه تِدرك معوشة عياله
أُما الرجل يِرتجى منه وقفات
فلتعش لنفسك وللآخرين، ولا تكن صفرا بين الآدميين، فالعلماء يقولون: (من لم يأت لمجتمعه بالزيادة فهو زيادة!!) {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (وأعظم الأجر سرورا تدخله على أخيك المسلم) والسلام عليكم..
- محافظة رياض الخبراء