|
حاوره - عوض مانع القحطاني:
وصف وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فدرين السياسة السعودية بالمؤثرة والفعَّالة على الساحة الدولية، مؤكداً أن المملكة تلعب دورًا كبيراً ومهماً في حلِّ كثير من الأزمات، وسياستها الاقتصاديَّة تُمثّل نموذجاً جيداً للعالم.
وقال الوزير الفرنسي في حوار خاص مع الجزيرة: إن انضمام المملكة إلى مجموعة العشرين في الاقتصاد العالمي، لا يُمثِّل مكسباً سعودياً فقط، بل إنه مكسب أيضاً لجميع الشعوب العربية والإسلامية، ويُمكن أن تقدم المملكة دعماً مهماً لهذه الدول في الساحة الدولية, فالعالم اليوم تقوده التحالفات ولا بد لكل بلد أن يفكر في الاستقرار، لأن هناك حوالي 50 دولة ناشئة حول العالم يجب أن تصل إلى أهدافها وطموحاتها، واعتماد الوعي والريادة في تحقيق الأهداف أمر مهم ومطلوب.
ولفت الوزير فدرين إلى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز الملك عبد الله للحوار بين أتباع الأديان والحضارات تُمثّل خطوة جادة ومهمة للعالم كله في هذه المرحلة المضطربة، ومن أهم خطوات دعم التفاهم والاستقرار العالمي، وهو ما يستدعي التكاتف والتعاون لتغيير المفاهيم المغلوطة حول الأديان والحضارات, مشيراً إلى أن هذه الخطوة تتزامن مع جهود حثيثة تبذلها الأمم المتحدة في هذا الشأن.
وحول ما يُعرف في أدبيات السياسة حالياً بالربيع العربي قال الوزير فيدرين: عبارة الربيع العربي غير صحيحة، فالربيع يأتي معه بالورود والزهور، ولكن عبارة الربيع العربي مليئة بالقتل والدَّمار الآن، والربيع العربي معقد، فالديمقراطية مطلب هذه الشُّعوب ومن حقّ الشُّعوب أن تُعبِّر عن رأيها بعيدًا عن القتل والدمار، والأمور لا تتم بين ليلة وضحاها، يجب أن نتوقع بأن هذه العمليات أحيانًا تأخذ بُعداً زمنياً، وقد تمتدّ إلى سنوات طويلة، ويجب ألا نقوم بتحليل عام لأن الوضع يختلف من بلد لآخر.
وحول الوضع في سوريا قال الوزير الفرنسي: هو وضع مأساوي جداً، فعلى صعيد التحليل السياسي هناك أمران بارزان في سوريا، فالمرعوبون من قمع النظام يخشون القمع فيما بعد، والأمر الثاني وهو المجتمع الدولي غير المتحد لإيقاف النزيف في سوريا، وأضاف: يوجد اختلاف في المواقف مع روسيا والصين، ولا حل لهذه الأزمة إلا بتطابق المواقف بين الأمريكيين والروس والذين لا يمكن للمجتمع الدولي أن يحسم الأمر بدونهما من أجل وضع ضوابط للمرحلة المقبلة، وهناك أيضاً دور للأوروبيين والأتراك والسعوديين بحيث يتم وضع سيناريو لاستقرار سوريا خلال المرحلة المقبلة.
وشدد فدرين على ضرورة منح الائتلاف المعارض المصداقية، لكي يتسنى له منح ضمانات للمرحلة القادمة، وحتى تتمكن الطوائف التي تشكّل سوريا من أن تعيش في سوريا المستقبل بأمان وحقوق متساوية، وفي حال لم يتوصل المجتمع الدولي إلى حل عاجل فإنني أتوقع أن يستمرّ الوضع على حاله.
وحول مواقف سوريا المتشددة ودعمها للنظام السوري قال الوزير فيدرين: ليس لروسيا مصلحة من نظام مصيره إلى الزوال.
وتطرق حديث الوزير مع الجزيرة إلى البرنامج النووي الإيراني الذي أكد أن بلاده تقف عموماً ضد أي انتشار للسلاح النووي وأن سياساتها صارمة في هذا المجال، مبيناً أن الأمر معقد جدًا وعلى إيران أن تستجيب لمطالب المجتمع الدولي وهم مع الأسف لا يستمعون لأيِّ نصيحة، نافياً في نفس الوقت مشاركة فرنسا في بناء المفاعل النووي الإيراني.
وقال فدرين إن إيران بلد سجين لنظام مرعب، ونظامها قمعي، ويلعب دوراً سلبياً، ومثيراً للفتنة الطائفية، ومهدداً بالأسلحة النووية، وأوضح أن الجمهورية الإيرانية باتت دولة مرهقة من العقوبات الدولية، وأن فرنسا تُعارض مثل هذه الأنظمة القمعية والاستبدادية.
الجدير بالذكر أن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية استضاف الوزير الفرنسي الأسبق قبل أيام لتقديم محاضرته تحت عنوان «العالم متعدد الأقطاب وتأثيره على البلدان العربية والإسلامية» بحضور عدد من المفكرين والسياسيين ورجال السلك الدبلوماسي في المملكة بقاعة المحاضرات بمبنى مؤسسة الملك فيصل الخيرية، وقد أدار الحوار وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن سلمة.
***
هوبير فيدرين
سياسي فرنسي ينتمي للحزب الاشتراكي الفرنسي، عمل مستشاراً دبلوماسياً للرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، وأميناً عاماً للرئاسة الفرنسية خلال الفترة بين عامي 1991 و1995م، ثم وزيراً للخارجية في حكومة ليونيل جوسبين خلال الفترة بين عامي 1997 و2002م، حيث حل محله دومينيك دو فيلبين عقب انتخاب جاك شيراك رئيسًا لفرنسا في عام 2002م، واشتهر ثلاثتهم بمعارضتهم لانفراد الولايات المتحدة باتخاذ قرار غزو العراق في عام 2003م. وهو عضو مبادرة «تحالف الحضارات» التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة انعقادها التاسعة والخمسين في عام 2005م، بموجب اقتراح تقدم به رئيس الوزراء الأسباني السابق لويس ثاباتيرو للأمم المتحدة. وهي حركة دولية تشجع الحوار بين الحضارات والأديان لمحاربة الأفكار الجامدة والمواقف السلبية تجاه الشعوب، وتركز بصفة خاصة على إزالة التوترات بين العالمين الغربي والإسلامي.