لا أحد يمكن له أن يتصور كيف سيتناول فيلم إيراني بنيت عقيدة أصحابه الدينية على الطعن في بعض أصحاب الرسول الأقربين والذين ولاهم المسلمون تدبير شؤونهم بعد وفاته! كيف سيتناول الحياة الخاصة للرسول صلى الله عليه وسلم! وهل سيقدم أبو بكر الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم كما هم عليه!
بل كيف سيظهر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنزله ذلك المعتقد الديني منزلة لا يمكن أن تكون لبشر! كيف سيتجنب الفيلم فكرة راسخة نتيجتها الحتمية اتهام للرسول بأنه لم يحسن اختيار أصحابه وخلفائه من بعده ولا حتى زوجته! وكأنه خدع بهم ولم يكتشف ذلك إلا المراجع الدينية في إيران! إن هذا الفيلم لو تم إنتاجه سوف يكون أكبر تحد للمراجع الدينية التي أشرفت على الفيلم فهو إما سينتهج (المصداقية) ليقول ما يؤمن به المراجع ويصدقه البسطاء، من (كذب) على الرسول وأصحابه! وهذا سيجعل إيران و(سياستها) وليس فيلمها فقط، في مواجهة مع الغالبية الساحقة من المسلمين أو أنه سيمارس (تقية) سينمائية ويتجنب كل المسائل الشائكة والتي تتعلق بصحابة الرسول وزوجته عائشة! وهنا سيجد المسلم الشيعي أن الفيلم خالف كل ما تربى عليه من عقيدة وشعارات يمارسها في مهرجانات جماعية! بمعنى إن أظهر الفيلم الصحابة كما رباهم الرسول وأحسن تربيتهم وكان الوحي يتنزل مثنيا عليهم! فهذا عكس المعروف عن ما يعتقده أغلبية الشيعة! وإن جسد ما يراه ويعتقده المراجع وما يمارسونه من شعائر ومعتقدات! فهذا سوف يثير سخطا وغضبا إسلاميا لن يقل عن ما تعرض له أصحاب الرسوم المسيئة ودولهم! إنها مسألة حساسة لا أعرف كيف سيتحايل عليها المؤلف والمخرج! فما يعتقده الإسلام الفارسي شيء مختلف تماما عن صحابة الرسول وزوجته عائشة رضي الله عنها، والتي أصبح شتمها عقيدة وعبادة وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى عند بعض غلاة المذهب الشيعي! ولأنها عقيدة راسخة فإني أذكر بحادثة لم يمض عليها سوى أسابيع، فعندما دعى الأزهر الشريف الرئيس الإيراني نجاد عند زيارته مؤخرا إلى مصر إلى إصدار فتوى من المراجع الإيرانية بتجريم لعن وشتم أصحاب وزوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الأزهر الشريف يعلم أن تلك المسألة هي أكبر المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام التقارب السني الشيعي! فلا يمكن أن يتصور عاقل أنك تحب شخص فما بالك برسولنا الكريم وأنت تنال من زوجته وأخلص أصحابه!! هذا لا يصدقه عقل! فماذا كان رد الرئيس الإيراني هل وعد بأن يناقش ذلك مع المراجع الدينية؟!! الحقيقة لم يفعل!! بل قال للمتحدث الرسمي عقب الاجتماع (ما اتفقنا على هذا يا حاج! اتفقنا على الوحدة!!)!! ولن يوافق نجاد ولا مراجعه على ذلك، فلو تخلص المذهب الفارسي الشيعي من اللعن واللطم والشتم الممنهج والمخصص لأصحاب الرسول لأصبح هذا المذهب بكل بسطة مذهبا سنيا، وهذا ما لا يمكن أن يوافق عليه نجاد ولا المراجع الدينية في قم أو غيرها! لأن الإبقاء على هذه العقيدة يعني بقاء الصراع المذهبي الذي تستفيد منه إيران وهو الوقود لمشروعها السياسي الذي يقوم أساسا على استغلال الشيعة والمذهب الشيعي في السيطرة على الشعوب والبلدان، الهيئة العالمية للعلماء المسلمين ورابطة العالم الإسلامي وعدد من الجهات الإسلامية (ناشدت) إيران وقف تصوير الفيلم، وتلك المناشدة الواهنة لن تسمع إيران لها، فلم يسبق لها أن استجابت لأي مناشدة سواء سياسية أو دينية، ولذلك فالفيلم إذا لم يمنعه الخوف من غضب المسلمين في كل أنحاء العالم تجاه إيران فلن يمنع إنتاجه المناشدات الواهنة من هيئات ومنظمات إسلامية!
alhoshanei@hotmail.com