كريس هيون، وزير الطاقة البريطاني السابق، عاش مع زوجته السابقة فيكي برايس، عيشة جميلة حيث كان سياسياً مرموقاً انضم إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي، وأصبح من أبرز الشخصيات في الحزب حيث تمكن من منافسة رئيس الحزب الحالي، إلاّ أنه خسر بفارق ضئيل من الأصوات، أما هي فكانت خبيرة اقتصادية مرموقة، ترجع إليها الشركات والأفراد في إبداء المشورة الاقتصادية، وأنجبت الزوجة خمسة من الأبناء من كريس، لكنه فيما يبدو لم يرغب هذا العدد، ولهذا فقد طلب من زوجته كما تنقل الصحافة، الإجهاض لكنها أبت، ومع هذا بقيا زوجين.
أراد الله تعالى أن تعمل عند الوزير كريس إحدى السيدات على وظيفة سكرتيرة، فسارت الأمور كما جرت العادة، وفيما يبدو أن استلطافاً قد كان متبادلاً بين الوزير والسكرتيرة، ونما مع الوقت، فهامت به وهام بها، وربما أنها همت به وهم بها، ولعلها قالت هيت لك، لكنه - والله أعلم - ربما لم يقل معاذ الله إنه ربي أحسن مثواى، وظلا معاً، وهما كما قال الشاعر:
كِلانا مُظهِرٌ لِلناسِ بُغضاً
وَكُلٌ عِندَ صاحِبِهِ مَكينُ
وَأَسرارُ المَلاحِظِ لَيسَ تَخفى
وَقَد تُغري بِذي اللَحظِ الجُفونُ
واستمر على هذا الحال، وهو يحاول إخفاء الأمر عن زوجته، وكأنه قد سمع ببيتين للشاعر الأندلسي الشهير أبو الوليد بن زيدون الذي يقول:
أصونك من لحظات الظنون
وأعليك من خطرات الفكر
وأحذر من لحظات الرقيب
وقد يستدام الهوى بالحذر
لكن هيهات هيهات، ألاّ ينفضح الأمر، فقد اشتهر الأمر، وطار ذكر غرامهما على كل لسان، فلم يجد هذا الوزير سبيلاً للستر فكأنه سمع ابن زيدون يقول:
يا مَن غَدَوتُ بِهِ في الناسِ مُشتَهِراً
قَلبي عَلَيكَ يُقاسي الهَمَّ وَالفِكَرا
إِن غِبتَ لَم أَلقَ إِنساناً يُؤَنِّسُني
وَإِن حَضَرتَ فَكُلُّ الناسِ قَد حَضَرا
وكأنه في ذلك محاكياً لابن زيدون أيضاً في حبه لولاّدة بنت الخليفة الأموي الأندلسي الذي كان بعيداً عن الحكم الرشيد، حيث قال:
لو كان أمري في كتم الهوى بيدي
ما كان يعلم ما في قلبي البدنُ
علمت زوجته “فيكى” بأمر حبه، ونزوته ووجده، وصبوته وصده، فآلمها المصاب، وحاق بها العذاب، عذاب الخيانة والغدر، والطعن من الظهر، وأحست أن كرامتها أهينت، فكأنها تقول: ما هذه البراءة ممن يتولاك، والميل عمن لا يميل عنك! وهلا كان هواك فيمن كان هواه فيك، ورضاك لمن رضاه لك، لكنها كانت شكوى الجريح إلى العقبان والرخم، فتغاضبا، وتخصاما وتشاجرا، وارتفع الصوت، وفات الفوت، فكأنه قال:
قد علقنا سواك علقا نفيساً
وصرفنا عنك النفوسا
ولبسنا الجديد من خِلَعِ الجُبِّ
ولم نسأل أن خلعنا اللبيسا
ليس منك الهوى ولا أنت منه
اهبطي مصر أنت من قوم موسى
بعد هذا الشجار، أضحى الطلاق ليس منه فرار، فتم ذلك، لكن طليقته قد آلمها جرح المهانة، وتحرك في قلبها حب الانتقام، فقررت أن تتحدث إلى الصحافة عن الوزير البالغ من العمر نحو الستين، ولتقول إنه ذات يوم قد قاد السيارة بسرعة فائقة، يستحق معها تحمل النقاط وسحب الرخصة، وأنه قد اتصل بها وطلب منها أن تتحمل النقاط عنه، وذلك في عام 2003 حتى يمكنه قيادة سيارته، وأنها وافقت له، وفاء وتقديراً لزوجها في ذلك الوقت، ووصل الأمر إلى المحكمة التي حققت في الحادثة، فكانت الحقيقة ما قالته المطلقة، فأصدر القاضي حكمه في هذا الأسبوع الذي نعيشه بسجن الوزير لمدة ثمانية أشهر الذي خسر وزارته ومكانه في البرلمان والحزب، وكذلك سجن مطلقته للمدة ذاتها، وذلك بسبب تضليلهما للعدالة والكذب بشأن السرعة، وهكذا استدل الستار على قضية كانت في متناول الصحف منذ عام 2011م.
لعل ذلك يكون إنذارا عالميا لمن يحب غير زوجته حتى لا يصيبه ما أصاب كريس، ولهذا فمن الأسلم البقاء على حب واحد، حتى وإن كانت النفوس تتوق إلى تنويع الزهور، وتغيير العطور، وقولوا لمن تحبون:
أرى ماءً ولي عطش شديد
ولكن لا سبيل إلى الورود
أما يكفيك أنكِ تملكيني
وأن الناس كلهم عبيدي
وهذه مبالغة من الشاعر في قوله والناس كلهم عبيدي وإنما هو تمشيا مع قول القائل (أحسن الشعر أكذبه) فاصبروا رحمكم الله، واكتفوا بما أعطاكم الله، واجعلوا لما حلّ بكريس عبرة، فالعاقل من اعتبر بغيره.