ما زالت قضية الملكية الفكرية تؤرق الكثير من المؤلفين والكتاب والمخترعين وأصحاب الابتكارات وعموم المبدعين في العالم العربي.. وأصبح الانتهاك المتزايد للحقوق الفكرية وظاهرة القرصنة والاستنساخ الفكري مع غياب الرادع.. يمثل تحدياً كبيراً يواجه أصحاب حقوق الملكية الفكرية وصناع النشر في المنطقة.. ويشكل تهديداً صارخاً للوجه الحضاري لأي أمة.. ما يفضي إلى التساؤل حول تداعيات عدم احترام الملكية الفكرية على الفرد والمجتمع والمنظومة الإنسانية بشكل عام فإذا كان المقصود
بالملكية الفكرية في معناها العام المعاصر بأنهاالحقوق المترتبة على أي نشاطٍ أو جهدٍ فكري يؤدي إلى الابتكار والإبداع في المجالات الأدبية والفنية والعلمية والصناعية فلا غرو أن يكون الاهتمام بحمايتها من جرائم القرصنة والاستنساخ والاستغلال مطلباً ملحاً في ظل عولمة تُسيرُها الآلة وتحكمُها التكنولوجيا الرقمية.
وبحسب عددٍ من المصادر.. يُذكر أن تاريخ الملكية الفكرية يعود إلى عام 1873م.. فقد كان هذا العام بمثابة صدمة قوية لكل القائمين على المعرض الدولي للاختراعات الذي أقيم في فينا خلال ذلك العام حيث امتنع عددٌ كبير من المخترعين الأجانب عن المشاركة.. وكان سبب الامتناع هو خشيتهم من أن تتعرض أفكارهم للنهب والاستغلال التجاري في بلدان أخرى.. هذه الحادثة كانت الشرارة التي أوقدت الحاجة إلى الحماية الدولية للملكية الفكرية بوجهٍ عام.. والنتيجة هي انبثاق معاهدة باريس أول معاهدة دولية تنص بنودها على منح مواطني بلدٍ معين حق حماية أعمالهم الفكرية والعلمية في بلدان أخرى.
كانت هذه المعاهدة بداية.. توالت بعدها اتفاقيات على مستوى دولي تصبُ جميعها في محيط حماية الملكية الفكرية بمختلف أنواعها.. إلى أن استقر الأمر وبإقرار من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوجود منظمة دولية مكلفة بكل ما يتعلق بالملكية الفكرية وتم إنشاء (المنظمة العالمية للملكية الفكرية) في 17-12-1974م يكتسي موضوع الملكية الفكرية أهمية بالغة من حيث كونه مسألة حساسة وخطيرة.. ومما يزيد أيضاً من أهميته التطورات الهائلة التي تحدث في مجال ثورة الكنولوجيا المعلوماتية الأمر الذي ينجم عنه ظهور وسائل جديدة ومتطورة لتبادل المعرفة بطرق سهلة وفعالة.. إلى جانب أنه يساعد كثيراً في تنشيط دواليب الاقتصاد العالمي كونه أداة فعالة في التنمية الاقتصادية بما يحققه من عوائد ربحية كبيرة ونظراً لهذه الأهمية لحقوق الملكية الفكرية يصبح عدم توفير حماية كافية لها من معوقات الاستثمار.. خاصة أن العقل البشري هو مصدر الإبداع لأي إنتاج فكري يضاف إلى ذلك أن كل مبدع يحتاج إلى ما يكفل له حقوق إنتاجه الإبداعي المالية والمعنوية بصرف النظر عن ماهية ونوع هذا الإنتاج. في وقتٍ أدت فيه القفزة الرقمية التي حدثت في العالم إلى إحداث أثرٍ بالغ على كافة جوانب الحياة، وكان لها الأثر المباشر على الملكية الفكرية وتحديداً التطاول على حقوق المؤلفين والناشرين والتعرض على أيدي الغير لجرائم القرصنة والتحوير والتحريف والبتر والتشويه.. أو السرقة لنتاجهم الفكري، بل قد يبلغ التطاول إلى نسبة أي إبداع فكري أو نتاج أدبي إلى غير أصحابه.
لقد أتاحت الحرية المطلقة في الشبكة العنكبوتية سهولة التعدي والقرصنة دون أي ضوابط.. والمبدعون والمؤلفون والكتاب يواجهون في البيئة الرقمية المتشابكة سيلاً من التعديات دون وجود حماية قانونية فعالة تحد من ازدياد حالات التعدي غير المشروع لمؤلفاتهم وإبداعاتهم الفكرية والثقافية والعلمية فهل من حماية متوازنة وفعالة من جرائم القرصنة للملكية الفكرية؟
zakia-hj1@hotmail.comTwitter @2zakia