أسست الهيئة الملكية للجبيل وينبع عام 1975م لتكون مسؤولة عن مدينتي ينبع والجبيل الصناعتين، ومؤخراً أضيف لهما مدينة رأس الخير (الزور سابقاً)، التي يجري تأسيسها بشكل مماثل لما حدث في الجبيل وينبع. قامت الهيئة الملكية بتطوير وإنشاء عدد من المرافق والتجهيزات لتوفير الخدمات اللازمة للمنطقتين الصناعية والسكنية، وتشمل شبكة التبريد بمياه البحر، شبكات مياه الشرب والصرف الصحي والصناعي، شبكات الطرق والاتصالات السلكية واللاسلكية، مرافق المنطقة السكنية والخدمات المرتبطة بها. وفي مدينة ينبع الصناعية تتولى الهيئة الملكية عملية توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية إضافة إلى الخدمات الأخرى.
وفي عام 2002 تم إنشاء شركة مرافق، تساهم فيها الحكومة ممثلة في الهيئة الملكية وصندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى شركة أرامكو السعودية وشركة سابك وبعض شركات القطاع الخاص، وأسندت إليها أنشطة المياه والطاقة الكهربائية كافة في المدينتين.
تم استثمار ما قيمته 84 ألف مليون ريال في عمليات تطوير مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، وقد أثمر ذلك عن قيام ما يربو على 233 صناعة، بلغ إجمالي استثماراتها نحو 244 ألف مليون ريال. وبذلك يبلغ مجمل الاستثمارات في الهيئة الملكية للجبيل وينبع نحو 328 ألف مليون ريال، توفر فرص عمـل لأكثر من 107 آلاف موظف وعامل. كما يتمتع السكان في المدينتين، البالغ تعدادهم نحو 154.000 نسمة، بسبل الراحة والرفاهية كافة، على أرقى مستويات الحياة العصرية.
والآن أصبح يضرب المثل بتميز الهيئة ومرافقها في الجبيل وينبع، سواء على مستوى التعليم؛ حيث نجد أن مدارس هاتين المدينتين هي الأميز مقارنة بالمناطق الأخرى، ونجد كليات الجبيل وينبع الصناعيتين أيضاً الأميز مقارنة ببقية كليات التقنية في المملكة، أو على مستوى البنية التحتية المتمثلة في المرافق والمنشآت السكنية والمدنية وغيرها. ولم تنس الهيئة أهمية الجوانب البيئية؛ فأصبحت تحتل الريادة في هذا المجال؛ حيث تقوم الهيئة الملكية بتطبيق العديد من إجراءات حماية البيئة، مثل برامج تقييم الآثار البيئية وتخطيط استخدام الأراضي والمرافق ومعالجة النفايات وتجميع النفايات الخطرة والتخلص منها، وغيرها من برامج صحة البيئة التي يدعمها نظام توعوي وتعليمي ونظام غرامات متاح للجميع الاطلاع عليه، وكذلك برنامج المراقبة لكل ذلك، عبر كفاءات وأنظمة متميزة.
أكتب هذه النبذة عن الجبيل وينبع والهيئة التي تديرهما للإشارة إلى تميزهما وتميز الهيئة في إنشاء وإدارة مدينتين نموذجيتين بكل ما تحمله الكلمة من معنى. والغريب أنه رغم التميز هذا للهيئة الملكية للجبيل وينبع ورأس الخير - ربما هي تحتاج إلى تعديل اسمها لتشمل المدينة الجديدة التي تؤسسها برأس الخير - فإنه لم يُلتفت إلى تجربتها بشكل كافٍ، بل إننا نتحدث بشكل دائم عن أختها الكبرى أرامكو، وكأن ما فعلته أرامكو لم يماثله أحد في مجال المسؤولية الاجتماعية والبيئية! الحقيقة أن إنجازات الهيئة الملكية خلال عمرها القصير، وبإدارة بدأت منذ البدء بكوادر سعودية، لهي منجز يستحق التقدير.
يبقى الأسئلة الأهم التي أريد الوصول إليها:
- لماذا نجحت وتميزت الجبيل وينبع، بوصفهما مدينتين حضاريتين حديثتين وليس مجرد مدينتين صناعيتين؟
- لماذا لم نستطع تكرار التجربة، ووجدنا الفشل في المدن الاقتصادية الجديدة؟
- لماذا لا نستفيد من تجربة الجبيل وينبع في مدننا ومرافقنا الأخرى؟
- تحديداً سأطرح السؤال على وزارة الإسكان: لماذا لا تسعون إلى إنشاء مدن مماثلة للجبيل وينبع، بدلاً من هذه المساكن المتواضعة التي تريدون إنشاءها على أطراف المدن؟
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm