|
مكة المكرمة - أحمد الحمادي:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة يوم أمس الملتقى الأول لتطوير المناطق العشوائية الذي ينظمه كرسي الأمير خالد الفيصل لتطوير المناطق والأحياء العشوائية بمنطقة مكة المكرمة بجامعة أم القرى لمدة يومين بقاعة الملك عبدالعزيز التاريخية بالمدينة الجامعية بالعابدية بعنوان (جهود محلية وتجارب عالمية) بمشاركة نخبة من الخبراء العالميين من بريطانيا وباكستان وإسطنبول.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله إلى مقر الحفل معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس ومعالي أمين العاصمة المقدسة رئيس الهيئة الاستشارية للكرسي الدكتور أسامة بن فضل البار ووكلاء الجامعة والمشرف العام على الكرسي الدكتور أمجد بن عبدالرحمن مغربي.
وبدئ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم.. عقب ذلك شاهد سموه والحضور فيلماً تعريفياً عن الكرسي وأهدافه وبرامجه وأنشطته وإنجازاته. ثم ألقى المشرف العام على الكرسي رئيس اللجنة التنظيمية للملتقى الدكتور أمجد بن عبدالرحمن مغربي كلمة أعرب فيها عن شكره لسمو أمير منطقة مكة المكرمة على رعايته لهذا الملتقى الذي يمثل أحد أنشطة الكرسي مؤكداً أن رعاية سموه تأكيد على إيمان سموه بالبحث العلمي وأهميته في منظومة التطوير والنمو الحضري بالمنطقة عمرانياً واجتماعياً اقتصادياً وأمنياً.
وأبان أنه في هذا الملتقى يجتمع العلماء والخبراء والمختصون في مجال تطوير المناطق العشوائية لتحليل ومقارنة تجاربهم العالمية الناجحة في التعامل مع العشوائيات إلى جانب مناقشة وعرض الجهود المحلية وصياغة آليات لتطوير المناطق العشوائية بمكة المكرمة يناقشون جنباً إلى جنب مع الجهات الحكومية وبعض شركات تطوير المناطق العشوائية الرؤى والتوجهات نحو تطوير مكة المكرمة لتكون في مصاف مدن العالم الأول.. مؤكداً أن الشراكة المجتمعية من خلال هذا الكرسي والمتمثلة في ورش العمل والبحث العلمي المنهجي والتطبيقي، إضافة إلى الشراكات مع كبرى الجهات البحثية العالمية سوف تلعب دوراً هاماً في تعزيز العلاقة بين الكرسي والجهات الفاعلة في عمليات التطوير من القطاعات الحكومية وشركات القطاع الخاص والمواطنين والمقيمين على حد سواء. هذه العلاقة مبنيَّة على أسس علميَّة لتقييم بدائل تَنْمية المناطق العشوائية وتطويرها وباستخدام مؤشرات أداء تطوير المناطق العشوائية والتنمية الاجتماعية كمدخل للتطوير.
وأعرب عن أمله في أن يخلص الملتقى إلى وضع خارطة طريق واضحة المعالم للتعامل الأمثل مع المناطق العشوائية بصورة متكاملة بما يحقق الهدف الأسمى للكرسي ألا وهو (الارتقاء بالإنسان قبل المكان) متوجهاً بخالص شكره وتقديره لمعالي مدير الجامعة وللهيئة الاستشارية للكرسي برئاسة معالي أمين العاصمة المقدسة على دعمهم غير المحدود للكرسي وأنشطته المختلفة، كما شكر الداعم الرئيس للكرسي مجموعة بن لادن السعودية.
بعد ذلك ألقى معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس كلمة أكد فيها أن مكة المكرمة شَهِدَتْ على مرِّ تاريخِها حركةً حضاريَّةً لا تُخطئها العينُ كما شهدتْ أولَ مشروعٍ مائيٍّ في التاريخ هو عينُ زُبَيْدةَ وحركةً علميةً ثَرِيَّةً وحيويةً تجاريَّةً مشهودةً ودبلوماسيةً سياسيةً فريدةً وحظيت باهتمام بالغ من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، والذي قال في إحدى المناسبات: «أنا مصرٌّ على أن أرى مكةَ المكرمةَ أجملَ مدنِ العالمِ ولن أتراجعَ عن تنفيذِ المشروعات التي تؤدِّي إلى تحقيقِ هذا الهدف».
وبيّن معاليه أنَّ كرسيَّ الأميرِ خالدِ الفيصل لتطويرِ العشوائياتِ الذي تَشْرُفُ بتشغيلِهِ جامعةُ أمِّ القرى هو واحدٌ من تلك المشروعات التي تحقِّقُ هدفَ الأميرِ في أنْ تكونَ مكةُ أجملَ مدنِ العالمِ، بل هو على رأسِ تلك المشروعات؛ لافتاً النظر إلى أنَّ الملتقى الأولَ لتطويرِ العشوائياتِ الذي ينعقدُ تحت عُنْوان: (جهودٌ مَحَلِّيةٌ وتجارِبُ عالميةٌ) يُمثِّلُ أسلوباً جديداً في التعاملِ مع قضايا العشوائياتِ لأنَّهُ يعتصرُ التجارِبَ المحليةَ والدَّوْليةَ ويستعرضُ البدائلَ المتاحةَ.. وهو بذلكَ يضعُ المهادَ العِلْميَّ للمشروعِ العمليِّ، وما أجملَ أنْ تنطلقَ مشروعات التطويرِ من أسسٍ علميةٍ متينةٍ مُحكمةٍ، مؤكداً أن المشروعَ التطويريَّ سيضيفُ لمكةَ حداثَتَها دون أن يَسْلُبَها عَبَقها وسيشكِّلُ حاضرَها دونَ أن يَطْمِسَ ماضيَها وسيُعطِيها بريقَ الحضارةِ دونَ أن يأخذَ منها أصالةَ التُّراثِ.
ونوه معاليه بما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني -حفظهم الله- من عناية واهتمام بمكة المكرمة، مشيداً في ذات الوقت بدعم ومؤازرة معال بوزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري للجامعة وبرامجها وأنشطتها المختلفة.
إثر ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة كلمة أكد فيها أن الحديث عن العشوائيات ومعالجة هذه الأحياء وتطويرها يحتاج إلى مثل هذا الملتقى، معرباً عن شكره لجامعة أم القرى على تبنيها لهذا الكرسي الذي أنشئ بعد إطلاق مشروع معالجة وتطوير الأحياء العشوائية في مكة المكرمة، والذي باركه ووافق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله-.
وقال سموه: إننا نستمد هذه الروح الوثابة من هذا القائد العظيم لهذه الأراضي المقدسة، وأعدكم -إن شاء الله- أن نحقق آماله في هذه المدينة، وهو الذي ما بخل أبداً على مشروعات، بل إنه قال يوماً من الأيام وأمام العالم أجمع في التلفزيون ليس هناك شيء يغلى على مكة.
وأضاف قائلاً: إن أول مشروع رفعته لخادم الحرمين الشريفين بعد أن تشرفت بخدمة هذه المنطقة بتولي إمارتها هو مشروع معالجة تطوير الأحياء العشوائية، وقد لقيت تجاوباً سريعاً من رائد التنمية بالمملكة وشكلت له لجنة وزارية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- عندما كان وزيراً للشئون البلدية والقروية ثم بعد ذلك رأس اللجنة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وهو الذي يجب أن نذكره فنشكره ونذكر تلك الدفعات العظيمة التي كنا نشعر بأهميتها في جميع اجتماعاتنا لتنفيذ هذا المشروع.
وبيّن سموه أن مشكلة الأحياء العشوائية لا تختصر على مكة المكرمة أو المملكة، بل هي مشكلة عالمية، وقد لا تكون هناك مدينة كبيرة في العالم ليس فيها أحياء عشوائية وليس فيها محاولات لإصلاح أمر هذه الأحياء مشيراً إلى أن هناك نجاحات، ولكن وللأسف الإحباطات أكثر من النجاحات في تلك المدن، لافتاً النظر إلى أن هناك من ترك الأحياء العشوائية في أوساط المدن الكبيرة للقدر ليحل مشكلته، وهناك من حاول ونحن عندما شرعنا في دراسة وسيلة وطريقة معالجة الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة وخصوصاً في مدينة مكة المكرمة واجهتنا عدة مشاكل ولعلها لا تكمن هذه المشاكل إلا في هذه المدينة، حيث إن مكة المكرمة تستقبل الحجاج والمعتمرين منذ الأزل، ولكن هناك من يتأخر ويتخلف ويبقى، كما أن هناك من الذين فروا بدينهم من بلدانهم وتوجه لهذه الأرض المقدسة واستقبلتهم هذه البلاد إنساناً وحكومة وقيادة، فبقوا في هذه المدينة سنين طويلة حتى استفحل الأمر فأصبح لابد من معالجة هذه المشكلة في هذه المدينة فوضعت الدراسات واللوائح والدراسات اللازمة.
وأكد سمو أمير منطقة مكة المكرمة أن التجربة السعودية في هذه المنطقة تتميز عن جميع التجارب العالمية لمعالجة الأحياء العشوائية لأنها ترتكز أولاً وقبل كل شيء على الإنسان، واصفاً إياها أنها تجربة إنسانية قبل أن تكون عمرانية أو مدنية أو تخطيطية فهناك عشرات الآلاف، بل وصلوا إلى مئات الألوف ممن يقطنون في هذه الأحياء بدون هوية وبدون عمل وأصبح هناك تحدياً كبيراً لأن المسألة ليست إعادة تخطيط هذه الأحياء وليست إزالة بعض المنشآت عليها أو فتح شوارع أو إقامة بعض المرافق الحكومية والخدمية وأن المشكلة الأساسية والتي أصرت لجنة تطوير الأحياء العشوائية على مواجهتها وعلى حلها هي المشكلة الإنسانية، وهي إصلاح وضع وأمر هؤلاء البشر الذين يسكنون هذه الأحياء فتعهدت الدولة ممثلة بهذه اللجنة الوزارية بأن يبدؤوا أولاً بإحصاء للجنسيات التي تسكن وتقطن هذه الأحياء ثم دراسة مشاكلهم أسرة أسرة فرداً فرداً، ثم دراسة الحلول الناجعة لمعالجة هذه المشكلة.
وأبان سموه أنه يوجد في هذه المنطقة مئات الألوف من البشر يحتاجون إلى إصلاح وتصحيح وضعهم ونقلهم من إقامة غير نظامية إلى إقامة نظامية ثم إيجاد فرص عمل لهؤلاء الناس لمن يستطيع العمل منهم ثم تعليم وتدريب وتأهيل الشباب والشابات في هذه البلاد بعد ذلك نبدأ في تنفيذ المخططات الجديدة لهذه الأحياء فإنه لم يكن همنا في البداية هو إزالة المنازل وفتح الشوارع، ولكن همنا الأساسي أن ننقل هذا الإنسان إلى مستوى معيشي يحفظ كرامته، لذلك أخذنا وقتاً طويلاً في الدراسة ولكنه وقت كان لابد أن نستنفذه لدراسة أحوال هؤلاء الناس فرداً وأسرة وإيجاد المساكن التي سوف ينقلون إليها.
وقال سموه: لقد اتفقنا مع وزارة العمل على إيجاد فرص وظائف وقررنا كذلك أن تستقبل الشركات الكبيرة التي تنفذ المشروعات في هذه المنطقة أن تستقبل هؤلاء الشباب وهؤلاء الناس من رجال ومن نساء في أعمال لهذه المنطقة وتكون الفائدة لهم ولهذه البلاد وليكونوا كذلك من المقيمين وربما في يوم من الأيام من المواطنين الصالحين، وهذه كانت رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهذا هو مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتصحيح وضع هؤلاء البشر، هذا هو تعهد من هذه الدولة للمقيمين في كنفها بعد أن أقاموا بيننا ولهم حق علينا بأن نحتضنهم.
بعد ذلك تسلم سموه من معالي مدير الجامعة الدكتور بكري عساس وعميد كلية التربية الدكتور زايد بن عجير الحارثي نسخة من كتاب «العلم والتعليم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود» الذي أعده خمسة وعشرون من أساتذة كلية التربية ودشنه معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة بحضور معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري في حفل افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب وذلك كرسالة شكر وتقدير لقائدة مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على جهوده المباركة نحو دعم مسيرة التعليم بشقيه العام والعالي في بلادنا المباركة والتقطت الصور التذكارية لفريق إعداد الكتاب مع سموه.
ثم كرم سموه الداعم الرسمي للكرسي مجموعة ابن لادن السعودية كما كرم محافظ بلدية إسطنبول الكبرى السيد قادر طوباش إلى جانب تكريم أستاذ الكرسي الدكتور صالح بن علي الهذلول. وفي نهاية الحفل تسلم سمو أمير منطقة مكة المكرمة هدية تذكارية من معالي مدير الجامعة بهذه المناسبة.