أصدرت الهيئة العامة للاستثمار لائحة معدلة للمخالفات التي قد يقع بها المستثمر الأجنبي وتستلزم إيقاع العقوبات حيث شملت ستين مخالفة وتأتي هذه اللائحة كتعديل شامل للائحة الصادرة قبل ثماني سنوات تقريباً.
إن القيام بالمراجعة الدورية للأنظمة واللوائح أمر إيجابي إذ تبرز أخطاء وثغرات أو تظهر مستجدات تحتاج لتعديل وتطوير وهذا الأمر ينطبق على كل الجهات الحكومية بصفة عامة والتعديل الأخير للوائح هيئة الاستثمار لا يعني أبدا أنه حل سحري وجذري لإصلاح الخلل ببعض الاستثمار الأجنبي أو تطويره.
فهو تناول جانب المخالفات المحتمل وقوعها أي جزء من العمل المنوط بالهيئة ورغم أهميته إلا أن الملفت به أنه جاء بعد مسح شامل لسوق الاستثمار الأجنبي حسب ما انفردت به صحيفة الجزيرة في خبر سابق قبل أشهر قليلة أي أنه أتى من خلال الواقع ومفرزاته والثغرات التي أوجدت ظواهر سلبية بالاستثمار الأجنبي شكلت عبئا على الاقتصاد المحلي بعكس ما كان يتوقع من هذه الاستثمارات.
فاستغلال المستثمر لترخيصه ببيع التأشيرات أو ممارسة أنشطة غير مرخص له القيام بها أو عدم التزامه بالسعودة وغيرها من المخالفات له تأثير سلبي برز على أرض الواقع إذ لم يظهر أثر نسبة كبيرة من المليارات التي يفترض أنها ضخت كاستثمار أجنبي على الاقتصاد إيجابا بل كرس مشاكل إضافية وقدم نوعا آخر من الاستغلال لثروات المملكة بخلاف ما كان مؤملاً ولعل حصر الكثير من الاحتمالات لأي مخالفات باللائحة الجديدة قد يعيد الأمور لنصابها وينعكس بالفائدة المرجوة بإخراج بعض الاستثمارات من السوق غير المجدية والتي يتضح عدم جديتها بالشراكة الاقتصادية الحقيقية
إلا أن ما ننتظره من هيئة الاستثمار ما زال كبيرا خصوصا فيما نحتاجه بالاقتصاد المحلي فليس المهم دخول الأموال بكثافة أو عدد كبير من المستثمرين فقط بقدر ما نطلب أن يتم التركيز على نوعية الاستثمار ولذلك نأمل أن نرى قريبا لائحة معدلة للأنشطة الاقتصادية التي يسمح للمستثمر الأجنبي ممارستها تركز على الاحتياج الحالي والمستقبلي لاقتصادنا.
وأن توضع فيها معايير مختلفة لحجم رأس المال وتوطين التقنية والخبرة مستوفية لشروط تمنع وقوع المخالفات ويظهر أثرها النافع بالاقتصاد المحلي وبنفس الوقت تقلل من المخالفات بنسبة كبيرة فانتقاء المستثمر ونوعية نشاطه وإمكانياته سيحد إن لم يلغ أي مظاهر سلبية قد ترافق عمله محلياً.
خطوة هيئة الاستثمار تعد إيجابية وتظهر أن الإدارة الجديدة للهيئة تعمل على تصحيح مسار الاستثمار بالاقتصاد المحلي إلا أن الحاجة للتسارع بخطوات الهيئة المطلوبة بكافة جوانب الاستثمار تنظيما وتشريعا ضرورة ملحة لأنها تدخل في سياق المنافسة العالمية والتي تتطلب حسابا دقيقا لعامل الوقت ومنافسة العالم به كأحد أدوات تطوير ورفع كفاءة الاستثمار وجاذبيته بالاقتصاد المحلي كما نتوقع من الهيئة إصدار إحصاءات مفصلة عن الاستثمار الأجنبي بأحجامه ونوعيته وجنسيته لكي تكون معينا للباحثين عن المعلومات وتوضح الكثير من الحقائق الغائبة عن السوق والاقتصاد والمجتمع بشكل عام.