لقد فجعت المملكة بفقدان أمير العطاء والوفاء، سطام بن عبد العزيز، ندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، فقد كان نموذجاً بارزاً من نماذج العطاء في هذا الوطن، وقامة سامية من قامات الوفاء على أرضه التي تفيض بالخير والكرم، فترك رحيله حزناً عميقاً، وأسىً بالغاً، فدمعت العيون تبكي فيه الكرم والوفاء، وارتفعت أكف الضراعة إلى الله تستمطر له الرحمة والغفران، جزاء ما قدمه في ميادين الخير الرحبة الفسيحة، فقد بكاه أبناء المملكة جميعاً وعلى رأسهم أبناء منطقة الرياض الذين كانت فاجعتهم فيه كبيرة ومصابهم في فقده عظيماً، فقد أحبوه أميراً لهم، حريصاً على ما فيه صالحهم وخيرهم، فكان نموذجاً في العناية بشؤون المواطن والسهر على خدمته وإسعاده، وتسخير كل الإمكانات لتحسين أحواله، فقد حرص - رحمه الله - على صالح المواطن في الدرجة الأولى، وكانت نظرته إليه صادقة صائبة، حيث رآه العنصر الفاعل في بناء الوطن وتنميته، ولذلك أحاط إدارته بالجوانب الإنسانية التي تحلّى بها رحمه الله، وتجلّت في سلوكه القيادي فكان صاحب قلب رحيم، وحس مرهف، وتواضع جم، وابتسامة لا تفارقه، ومشاركة وجدانية للمواطنين في أفراحهم ومناسباتهم، وكم شاهدته مواطن الخير سبّاقاً إليها، حريصاً على دروبها المتعددة، فعرفته مشروعات الخير وجمعيات البر، وكفالة مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وكفالة طلاب العلم، وكم واسى الفقراء والمحتاجين، ووقف يسدد ديون المعوزين، ووقف مع الأسر المحتاجة يخفّف معاناتها، ويتلمس احتياجاتها، فكان له نصيب وافر ومبادرات طيبة مشكورة في حقول الخير وميادين العطاء، التي حرص عليها - رحمه الله - انطلاقاً من الوازع الديني والإنساني الذي يتملّك على أبناء الملك المؤسس عبد العزيز - رحمه الله - سلوكهم ومشاعرهم التي تربوا عليها في مدرسته المعطاءة.
لقد بكت العيون وحزنت القلوب، لما عرفوه في الفقيد من حكمة بالغة وسداد في الرأي، وما تحلّى به من الأخلاق الرفيعة العالية، وهو يسهر على خدمة منطقة الرياض وأبنائها في مختلف مواقع المسؤولية والقيادة التي تولاها فأداها بحقّها، محباً للرياض، عاملاً على تنميتها وإسعادها، وكم كان - رحمه الله - إنساناً متواضعاً، ومخلصاً وفياً، فما تزال عبارات وفائه تطرق السمع حين تولّى إمارة منطقة الرياض فأكَّد الدور الكبير لمن سبقوه في الإدارة وفي تحمل المسؤولية فقال - رحمه الله -: «لقد عملت نائباً لأخي فكان سمّوه خير مدرسة وكنت واحداً ممن تعلّموا في هذه المدرسة الإدارية المتميزة واكتسبوا الخبرة من خلال القرب من سموه».
وهذه عبارات الوفاء لنموذج العطاء - رحمه الله-، محفورة في الذاكرة، فإذا بها تتداعى، ونحن نرى صاحب هذه المدرسة ولي العهد الأمين - حفظه الله - يجلس في سيارة الوداع الأخير لأخيه الفقيد الراحل في لمسات وفاء أخوية معبرة، نحو هذا النموذج الكبير «نموذج الوفاء والعطاء».
رحم الله فقيدنا الغالي، وأسكنه واسع جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقا، وخالص العزاء لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله، وإلى أبناء فقيد الوطن وأسرته وإلى كل محبّيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام سابقاً