كثيراً ما تتحدث الصحف اليومية عن حدوث أزمات تؤدي إلى رفع الأسعار لمختلف المواد، خاصة المواد الاستهلاكية التي تمس المواطن، وترتبط بحياته، خاصة المعيشية، مثل أزمة جديدة ترفع كرتون البيض إلى 145 وإلى 150 ريالاً، وأزمة غاز في المدينة التي تقفز بالأسطوانة إلى عشرين ريالاً، وظهور سوق سوداء لبيع الدقيق يضر بالمواطن ويعيق استثمارات القطاع (عكاظ).
وكان قد مر علينا في أيام سابقة الحديث عن بروز أزمات في الحديد والأسمنت والشعير وغيرها كثير، خاصة الدقيق الذي تكررت أزماته، ولاسيما أن المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق أكدت بتاريخ 17 ربيع الأول 1434هـ للاقتصادية أن السوق مشبعة بالدقيق، وأن مخالفات المتعهدين أفرزت تلك السوق السوداء، أي أنهم موقع الاتهام بافتعال تلك الأزمات. والغريب أننا بعد أن نسمع يوماً ما بأن متعهد توزيع أو تاجر جملة أو تجزئة استُجوب عن أي من تلك الأزمات فهل معنى هذا أنه بعد لم تصل الجهات المسؤولة إلى الفاعل أو المتسبب في تلك الأزمة، بمعنى أن تلك الأزمات قد تكون نشأت من نفسها أم كيف؟ أم أن هناك أيدي تعبث بمقدرات الوطن والمواطن، ولكن لا نستطيع أو لا تستطيع الجهات المسؤولة البوح بها؟ ثم إلى متى نستمر على هذا الوضع المؤلم، ولاسيما أن افتعال تلك الأزمات ليس من الدين الحنيف الذي ندين به، ولم تجزه أنظمة الدولة بل تعاقب عليه، ومفتعلو تلك الأزمات أليسوا بمواطنين؟ وقل ذلك أليسوا بمسلمين؟ أليس استفعال الأزمات من الظلم والله سبحانه يقول {ألا لعنة الله على الظالمين}؟ والحديث القدسي يقول «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا»، وقيل «الظلم ظلمات يوم القيامة»، ألا يعي من يفتعل الأزمات ما تضمنته تلك الآيات والأحاديث؟ ألا يخاف من الله ومن عقابه إن عاجلاً أو آجلاً، ثم أين الجهات الرقابية سواء من قِبل وزارة التجارة (حماية المستهلك) أو من قِبل المباحث الإدارية أو المباحث العامة عن مفتعلي تلك الأزمات؟ علماً بأن تكرار تلك الأزمات دليل على ضعف الرقابة على أي شكل تكون، ومن أية جهة كانت، ومن ثم ألا يستحي مفتعل تلك الأزمات من الله؟ ألا يستحي من نفسه؟ ألا يحسب للعقاب الآني والمؤجل أي حساب؟ أم أنه واثق من أن العقاب لن يطوله! وإن لم يطله في الدنيا فليتأكد أنه لن يفلت منه في الآخرة. ويا ترى، هل هيئة مكافحة الفساد ستصل إليه يوماً ما؟ أتوقع ذلك، بعدها سيقول الفاعل لات مندم.
من هنا أقول: متى ستزول تلك الأزمات من قاموس الأطماع في وطن أعطانا الله فيه كل شيء؟
وأخيراً، متى ستختفي تلك الأزمات ونعيش بأمان على مأكلنا ومشربنا؟
والذي أجزم به أنه إذا لم تتم ملاحقة المتسببين في تلك الأزمات حتى الوصول إليهم ومعاقبتهم والتشهير بهم فسنرى خلق أزمات وأزمات في مأكل ومشرب المواطنين والمقيمين، خاصة ما يمس ذوي الدخول المتواضعة الذين تلتهم أجور المساكن والرسوم جل مدخولهم، ولكن حسبي الله على من آذى المسلمين في مأكلهم ومشربهم.