الجزيرة - الرياض:
أكد خبراء اقتصاد ومحللون ماليون على أن خطة تقليل الإنفاق الحكومي الأمريكي ستلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي وسيكون لها تداعيات وأثار سلبية عليه ، فبعد إصدار الرئيس الأمريكي باراك أوباما قراراً ببدء التنفيذ الرسمي لمشروع قانون التقشف في الأول من مارس الحالي تستعد الولايات المتحدة لإجراء تخفيضات تلقائية في النفقات بمقدار 1.2 تريليون دولار على مدار تسع سنوات، كما سيتم تخفيض نفقات البنتاجون خلال السنوات العشر القادمة لتصل إلى 1,3 تريليون دولار، وذلك وفقاً لمكتب الميزانية بالكونغرس.الأمر الذي حذر منه اوباما من أن تداعيات خفض الإنفاق العام في الولايات المتحدة بدرجة حادة، لأنه سيؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي سيؤثر سلبا في نمو اقتصادات دول أخرى في العالم. ونظراً لأن الاقتصاد الأميركي باعتباره أكبر اقتصاد، يتمتع بأضخم موازنة على المستوى العالمي مقارنة بالعديد من دول العالم، فإن تداعيات مثل هذه الاقتطاعات من شأنها أن تحدث العديد من التأثيرات على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية، بالأخص على الشرق الأوسط وهو ما يعنينا، فمعظم اقتصاديات العالم ترتبط بالاقتصاد الأمريكي من خلال شبكة من تعاملات الميزان التجاري والعلاقات النفطية والأسواق المالية، وأن أي تغيرات تطرأ على الاقتصاد الأمريكي ستؤثر بالتبعية على الاقتصاد العالمي، وليس أدل على ذلك ما حدث من آثار للأزمة المالية العالمية 2008 وتأثيراتها التي مازالت تعاني منها اقتصاديات الدول النامية حتى الآن. وبالعودة للبيانات السنوية ومؤشرات الميزان التجاري الأمريكي للسلع والخدمات لـ21 عاماً الصادرة عن وزارة التجارة الأمريكية، يتضح أن الميزان التجاري للسلع والخدمات يشهد عجزاً متراكماً، حيث فاقت الواردات الصادرات على مدى 21 عاماً متتالية. لكن العجز بدأ تدريجيا في التراجع على أقل تقدير خلال الـ11 شهرا الماضية المنتهية في(نوفمبر) 2012،حيث بلغ 501.1 مليار دولار، كما أن هناك سيناريو آخر لكنه ضعيف، وهو اقتراب العجز السنوي قليلا عما تم تحقيقه في 2011 البالغ 559.8 مليار دولار. ويعطي ذلك مؤشرات ودلائل واضحة عن استمرار تعطل الاقتصاد الأمريكي الذي يستهلك نحو ربع إنتاج العالم من النفط، فضلا عن القطاعات الاقتصادية الأخرى التي ستؤثر في خريطة التبادل التجاري العالمي؛ ما سيرسم مزيدا من الضبابية على المستهلك من جانب وقطاع الأعماوالاستثمارات من جانب آخر. وسيفرض ذلك على الحكومة الفيدرالية الحاجة إلى تبني سياسات وآليات لدعم خفض العجز في الميزان التجاري، الذي يمثل أحد أركان التعثر في الموازنة الفيدرالية العامة، وبالتالي تحقيق مزيد من النمو الذي يدعم الاقتصاد الأمريكي والعالمي في آن واحد. من هنا جاء تحذير مختصين اقتصاديين من تداعيات سقوط الاقتصاد الأمريكي على اقتصادات دول الخليج العربي، مؤكدين أنها ستكون أكثر دول العالم تضررا من أي كساد أو تخلف عن السداد قد تنتهي إليه الأزمة الدائرة رحاها الآن بين الرئيس أوباما وأعضاء الكونجرس الجمهوريين والديموقراطيين في واشنطن.وذلك نظرا لأن دول الخليج هي أكثر دول العالم «انكشافا» على السندات الأمريكية والأخطر، حيث تتركز معظم فوائضها واستثماراتها الدولية في السوق الأمريكية، ليس فقط لامتلاكها حصة ضخمة من سندات الخزانة الأمريكية، بل لأن صادراتها وعملاتها مقومة بالدولار.