لن يكون اندهاش التشكيليين بهذا التجاوب من شركة دهانات الجزيرة أقل من اندهاشهم بالمبلغ الذي منحته الشركة لتغطية أحد برامج الجمعية، خصوصاً أنهم مروا بسنوات عجاف، لم يحظوا فيها ما كانوا يؤملون بدعم رسمي، فلم يعد لهم ملجأ بعد الله إلا في البحث عن مصادر دعم أخرى، باعتبار أن الجمعية مستقلة وتعد من جمعيات النفع العام.

فكان التحرك ولو متأخراً مع ما صاحبه من شك في أن جمعيتهم لازالت وليدة وأن كل ما يتم من دعم للجمعيات الأخرى يأتي كونها جمعيات خيرية، ومع ذلك كانت التجربة مع عدد من الشركات البعض منها تعذر دون مبرر والبعض اتكأ في اعتذاره إن ما خصص من دعم للجمعيات الخيرية أو بناء المساجد، مع أن لتلك الشركات القدرة على دعم كل ما له صلة بالمجتمع وخدمة لأبناء الوطن، ومثل هذا العمل لا ينفصل أو يقل فيه الأجر الإلهي بأي حال عن الأعمال الخيرية الأخرى.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «خيركم أنفعكم للناس».. وهذا كافٍ لفهم مدى عظمة أجر من يعمل عمل خير للآخرين، بالمساهمة والمشاركة في تسهيل أمور حياتهم فكيف إذا كانت في توفير الخدمات المناسبة لأبناء الوطن.

من هذا المبدأ جاء دعم شركة دهانات الجزيرة للجمعية السعودية للفنون التشكيلية المؤسسة المتخصصة في جانب من الجوانب المهمة في ثقافة الوطن والمقرة رسمياً والممثلة التمثيل المباشر لهذا الفن داخل المملكة وخارجها، دعم لم يكن في مخيلة منسوبي الجمعية، مع أن الشركة قادرة على أكثر منه لكنها الغيمة في غيث قادم لا يزال التشكيليين في الجمعية ينتظرون مثله أو أكثر من شركة دهانات الجزيرة المشكورة على هذا الدعم أو من شركات ومؤسسات أخرى، يعي المسؤولون فيها بأهمية مثل هذا الدعم في تسيير إبداع أبنائهم وعلى مستوى كبير ومؤثر للفنانين أنفسهم أو في ما يحققونه من نجاحات محلية ودولية، لا يمكن أن يتم إلا بمثل هذا الدعم.

لقد منحت الشركة التشكيليين فرصة عجن طحينهم الإبداعي بسمنها، فهي ومثيلاتها من الشركات العالمية الشهرة، شريك في الارتقاء بذائقة المجتمع من خلال ما نراه من جمال ما تنتجه من ألوان أصبحت بها المدن والقرى حدائق مليئة بالأزاهير تمثلت في ألوان المنازل أو الفلل أو العمارات خاصة أو حكومية أكسبت المجتمعات ثقافة بصرية عبر معرض مفتوح.

يأتي الفن التشكيلي من جانبه الثقافي فكراً وفكرة، وبما يزهو به من ألوان وعناصر بناء في اللوحة أو المنحوتة، وبجانب آخر في واقع الجمال، يلتقي مع تلك الشركات بجوامع مشتركة قوامها الألوان.

شكراً من الأعماق لكل من يملك الذائقة العالية في فهم الجمال، وشكراً لمن يرى الفن التشكيلي رمزاً حضارياً.