ثمة علاقات يصعب فهمها وسبر أغوارها مع تقادم الزمن وانطواء السنين، لكن في حالة الهلال مع مسابقة كأس سمو ولي العهد يبدو أن العلاقة تكاد تكون أشبه بالزواج الكاثوليكي، الذي لا طلاق فيه - إنْ جاز التعبير - فبالأمس القريب حقق الهلال اللقب الثاني عشر له في هذه المسابقة والسادس على التوالي في إنجاز غير مسبوق على الصعيد المحلي، وربما الإقليمي، أن تحافظ على بطولة بنظام خروج المغلوب في ست نسخ متتالية. ولا شك أن منجزاً كهذا لا يليق سوى بفريق بجمال وكمال الهلال زعيم زعماء آسيا والنادي الملكي وفريق الشعب الكبير، حتى في أصعب أحواله لا تأمن هدير أمواجه التي كلما لمحت من بعيد وميض الذهب يضوي في الأفق تزداد هيجاناً وإصراراً على الظفر به. المميز في هذا الانتصار بخلاف ازدياد الغلّة الزرقاء من الكؤوس والألقاب، وإضافة إلى تحطيم الموهوب الخلوق محمد الشلهوب الرقم القياسي بخمسة وعشرين لقباً شخصياً منها عشرة كؤوس لمسابقة سمو ولي العهد، أقول إن المميز أنه جاء بعد أربعة أيام فقط من خسارة الفريق بثلاثية من بطل الدوري فريق الشباب بمستوى مهزوز، لم يكن أبداً يبعث الأمل والاطمئنان في نفوس المدرج الهلالي الكبير، وفوق ذلك كان يتزامن مع انتفاضة نصراوية صفراء تنادى لها الإعلام الرياضي، وخصوصاً المرئي، وبدت مسيرة الكأس نحو مقر نادي النصر مسألة وقت ليس إلا؛ لذلك كان الفوز الأزرق مدويّا، وصدى البطولة رقم 54 يتردد في كل الآفاق. تهانينا للهلال الجريح الذي ينسى ألمه ويسمو فوق أوجاعه لكي يسعد جماهيره بالذهب، كيف لا وهذه هوايته وتخصصه حتى وإنْ أغاظت تلك الهواية البعض. وعلى دروب المحبة دوماً نلتقي.

للتاريخ فقط

خسارة النصر نهائي كأس سمو ولي العهد لا تلغي أبداً التطور الملموس الذي كان شعار المرحلة الأخيرة للفرقة الصفراء. وبما أن الشيء بالشيء يُذكر فإن آخر بطولة للنصر في مسابقة كأس سمو ولي العهد - كما نعلم جميعاً - كانت عام 1974م وبخسارته الأخيرة يكون قد أمضى 39 عاماً دون تحقيقها، وخلال هذه المساحة الزمنية الشاسعة مرّ على البلاد 6 أولياء عهود مع استثناء المرحوم الملك فهد عندما كان ولياً للعهد؛ لأن البطولة توقفت منذ عام 1975م حتى عام 1990م، كما أنه في تلك الفترة تعاقب على إمارة دولة الكويت 4 أمراء و5 رؤساء وزراء وعلى دولة قطر أميران و3 أولياء عهود و4 رؤساء وزراء، وعلى دولة الإمارات رئيسان و3 نواب للرئيس، وعلى مملكة البحرين حاكمان أمير وملك، وحينها كان جلالة السلطان قابوس قد أمضى 4 سنوات فقط سلطاناً لعُمان، وعلى المملكة الأردنية الهاشمية ملكان، والمملكة المغربية ملكان، وجمهورية مصر العربية 4 رؤساء، والجمهورية التونسية 3 رؤساء، والجمهورية الجزائرية 6 رؤساء، كما تعاقب على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية 7 رؤساء، وعلى رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة 8 رؤساء، وعلى مستشارية ألمانيا الاتحادية 5 مستشارين، وعلى الجمهورية الفرنسية 6 رؤساء، وعلى جمهورية (اليونان) 6 رؤساء، وخلال تلك الفترة اندمج اليمن بإقليميه الجنوبي والشمالي، وانفصل السودان ونشأت دولة (جنوب السودان)، واندلعت 3 حروب (الحرب العراقية - الإيرانية) و(حرب تحرير الكويت) و(احتلال الولايات المتحدة للعراق)، كما حدثت وقائع غيّرت مجرى التاريخ كأحداث الحادي عشر من سبتمبر وكذلك الاضطرابات التي اصطُلح على تسميتها لاحقاً بـ(الربيع العربي).