جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتعيين ثلاثين سيدة في مجلس الشورى، ليؤكد أن الشورى ليست شكلاً أو ديكوراً، وإن فاقت في شكلها وعطائها كثيراً من الدول التي تدعي الديمقراطية.
أوضح هذا القرار بشكل كبير وقاطع أن الشورى عندنا أعمّ وأشمل من الديمقراطية، وإن كانت لا تتعارض معها.
أصبح الآن مجلس الشورى بهذه الإضافة الكبيرة وتلكم الكوكبة الكريمة من الكفاءات الوطنية رجالاً ونساءً يعبر بشكل مبدع عن نموذج فذّ ورائد يمثل إضافة جديدة لرصيد هذه الأمة في الممارسة الديمقراطية والحركة الإيجابية للمجتمع.
وأصبح القرار الوطني يشارك في صنعه وإعداده والرقابة عليه المرأة المسلمة التي تشارك الرجل في كل شيء، وهذا ليس بغريب على ديننا وثقافتنا.
ونحن نتعلم من معلم البشرية محمد -صلى الله عليه وسلم- كيف كان يشرك زوجاته -رضوان الله عليهن- وبخاصة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في كل شيء، وفي أمور تخص السياسة العامة للدولة وهكذا.
لقد رأينا نموذجاً رائعاً لديمقراطية وطنية تأخذ في الاعتبار الثقافة والبيئة والظروف المحيطة، وهذا أهم ما يميز الديمقراطية لأنها ليست قالباً مصمطاً إنما الإبداع أن تراعي ثقافة وظروف وأحوال المجتمع بصفة عامة.
مثلاً تجد الديمقراطية في فرنسا تختلف عنها في بريطانيا أو إسبانيا، المهم أن تمارس إصلاحاً يأخذ في الاعتبار ما يتوافق عليه المجتمع ولا يتعارض مع قيمه وأخلاقه.
الأمل كبير في هذا المجلس الموقر من هذه الكوكبة من العلماء والمتخصصين رجالاً ونساءً أن تسطر مرحلة جديدة وصفحة مشرقة من صفحات المجلس المبهرة منذ تأسيسه حتى الآن.
خادم الحرمين الشريفين يؤكد بهذا القرار أنه يسير على درب الوالد المؤسس الملك المبدع عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وسوف نتناول تجربته وإبداعه الكبير بشيء من التفصيل قريباً إن شاء الله.
أرى أن خادم الحرمين الشريفين سيدخل التاريخ من عدة أبواب، أهمها تطوير المنظومة والبيئة السياسية والإدارية للمملكة بصورة كبيرة تؤكد أنه أخذ من الوالد الراحل كثيراً من إبداعه وحصافته وتجديده في البناء والتأسيس معاً.