من وهبه الله نعمة القدرة على التأليف والكتابة وتوجهما بفكر رصين؛ فإنه ينبغي عليه حمد الله وشكره لهذه الهبة الربانية الكريمة. ورغم جمال تلك النعمة التي لا يستلذها إلا من مارسها، إلا أن المؤلف السعودي - على وجه الخصوص - يعاني المرارة في سبيل خروج مؤلفه للنور. وتتضاعف المعاناة للمؤلفة حينما لا تجد دارَ نشر تتولى طباعة كتبها وتوزيعها وتسويقها، فتبدأ رحلة شاقة مع بعض دور النشر التي لا تراعي عجز الاستقلالية وضعف الإمكانيات المتاحة للمرأة السعودية فتلتهم المؤلفةَ لحماً وفكراً وتتركها عظما وقهراً! والمؤسف أن من يدير تلك الدور هم من الوافدين الذين يمارسون أسوأ أنواع التعامل فيصيبوننا بالإحباط، وهم يزاولون وظيفتهم تحت غطاء مسميات مؤسسات ودور نشر وطنية!
هذا العام، وفي معرض الرياض الدولي للكتاب؛ سيشارك مؤلفي الثاني ( لِمَ تعاني وحدك؟!) وسيخرج للنور سليماً معافى، وسيتم التوقيع عليه إن شاء الله بعد مغرب هذا اليوم الخميس 7 مارس 2013م لينضم لشقيقه الأكبر كتاب (الزائرة الفاتنة) وكلاهما ينافسان أفراد أسرتي في المحبة والدلال! ويتقاسمان معهم الأورطي في قلبي!
والعجيب أنني توقَّعت أن تربية الأبناء أكثر تعباً ومشقةً ومتعةً، وتفاجأت بأن إنتاج الكتب وتأليفها أشد وأقسى و.. ألذ! فالأبناء يكبرون وقد يغيّرون من طباعهم غير الحسنة ويكتسبون عادات حميدة، إلا أن الكتاب حينما يصدر وينتشر لا يمكن أن يُغيّر به حرف، سوى أن يستدرك المؤلّف في طبعات لاحقة، بينما تبقى الطبعة الأولى شاهداً على تسرّع المؤلف وخطئه ونزقه، أو شهيداً على حكمته وعقله ووعيه عندما يكون نافعاً ومفيداً ومتجدداً! فهو أبداً كَلٌّ عليك، وهو دوماً منسوب إليك!
ورغم كثرة الكتّاب والكاتبات السعوديات؛ إلا أن إنتاجهم الثقافي والمعرفي والفكري الموثّق من خلال تأليف الكتب قليل جداً، وقد لا يصل سنوياً لمائة كتاب! وتشيح دور النشر وجهها عنهم، إلا أن يكون مسؤولاً حكومياً بارزاً، أو داعية ذا نجومية فضائية، وقد لا تتوفر النجومية في المفكر ولا في الصحفي فلا يجد دعماً كافياً لينتج كتاباً يثري المكتبة الوطنية ويُحسب للجناح الثقافي الفقير الكسير! ولا شك أن ذلك يُعد ثلمة وتقصيراً في دور وزارة الثقافة والإعلام التي ينبغي أن ترعى المؤلف وتشجعه عبر استقبال إنتاجه وتسهيل طباعته ونشره، بل والمساهمة في توزيعه.
هذا العام بادرت وزارتنا بشقها الفتي (الثقافي) بتدشين (جناح المؤلف) في المعرض كخطوة إيجابية في سبيل التعريف بالكاتب السعودي ومساعدته في تسويق كتابه سيما أثناء التوقيع عليه، بيد أننا نرجو تطوير ذلك عبر خطوات فعَّالة أكثر عطاءً وأوسع أمداً، فهي وزارة المثقفين والأدباء والإعلاميين، وإن لم تحتوهم وتشجعهم وتساندهم فمن لهم؟!
مبروك علينا معرض الرياض الدولي للكتاب، أجمل تظاهرة ثقافية تشهدها بلادنا سنوياً تشعرنا بمواكبتنا لحضارة عالمية تحترم المؤلف وتقدّر الكتاب، وتقرؤه!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny