فاصلة: (لا يستحم المرء في النهر نفسه)
- حكمة يونانية -
لأول مرة منذ سنوات أضطر إلى الكتابة على الورق بعد قطيعة طويلة بسبب إدماني على استعمال جهاز الحاسوب.
مهما كان الظرف الذي دفعني للارتداد إلى الوراء في استعمال أدوات كتابة مقالتي إلا أن في الأمر ربما ما يستحق أن أتحدث عنه إليكم.
ليس الأمر مجرد ورقة وقلم وتبدأ الكتابة، فالأدوات مختلفة وعليَّ أن أبحث عن (المبيّض) لمسح الأخطاء وكذلك قلم جاف أو حبر حتى يكون الخط واضحاً حين أرسل مقالتي بالفاكس إلى الجريدة بدلاً من إرسالها عبر البريد الإلكتروني.
أما الجانب النفسي فخطير، حيث أمضيت وقتاً غير قصير لأقتنع بفكرة الكتابة إلى الورق هذا ما جعلني أتأمل سلبيات دخول التكنولوجيا في التواصل الاجتماعي في حياتنا، فإذا تعطل جهاز الحاسوب أو جهاز (الجوال) فهو إعلان عن تعطلنا في التواصل مع الآخرين.
مشكلة أخرى تواجهني في كتابة مقالتي على الورق، كيف أعدّ الكلمات، كان برنامج (وورد) يعطيني ببساطة هذه المعلومة الجديدة رغم المرونة فهناك عدد كلمات محددة للمقالة. أمور ربما تكون بسيطة لكنها تشغل الكاتب الذي اعتاد طقوساً معينة في الكتابة عليه أن يغيّرها لأن جهاز الحاسوب لا يوجد به برنامج يدعم اللغة العربية.
ومهما كان الأمر مؤقتاً إلا أنه يستدعي خبرات قديمة لتحضر، وخبرات أخرى تفسح لها الطريق، بعض الكتاب لازالوا يتمتعون بوفاء عجيب تجاه الورقة والقلم، أما أنا فحبي للتغيير يفوق وفائي، لكنني اكتشفت اليوم حين رأيت خطي على الورق أن الوفاء لا يموت، وأنني لم أكتب فقط مقالة على الورق إنما عادت بي الذاكرة إلى زمن بعيد.
nahedsb@hotmail.com