الاحتفاء بمعرض الكتاب الدولي كل عام يزيد وهجه، وفي ضوء أن الكتاب الإلكتروني قد أخذ مكانه من الاهتمام، والحفاوة بكل ما له من متاحات, حيزه، وطرق استخدامه المختصرة السريعة، وإمكانيات تخزينه سرعة وحيزاً, وأقنية, لا يثقل الأرفف، ولا يملأ المساحات، ولا ينزف الجيوب.. في ضوء كل هذا المنبهر به الناس كل الناس، يكون السؤال:
هل المصداقية لا تزال مرتفعة النسبة في الوثوق بالكتاب المطبوع، ذي الورق الملموس، والحجم, والوزن..؟
ثم، من نحو آخر: ألا يزال القارئ نهِماً للقراءة، مكتنِزاً لها من وقته الحيزَ الكبيرَ الذي يمكِّنه من قراءة مقتنياته السنوية في معرض الكتاب..؟ هذا إن كان ممن يكتفي بمقتنياته من الكتب فقط في هذه السنوية لعرض الكتب من كل فج عميق.. ومكان بعيد..؟ مع أن حوله من دواليب الشأن اليومي في الحياة ما يلتهم وقته, وفكره، لما فيه من السطو بما يعييه عن القراءة الدائمة، والنهب في مسارب السطور ركضاً, أو تأنياً، أو تأملاً.. إلا من كان به شغف، وأصابته حرفة القراءة..!!
بلى، لا يزال الكتاب الورقي يتصدر المصداقية فيه وحتى النهاية.. فصراعه مع ما سواه لن يؤثر أبداً في الثقة في بقائه، والوثوق من أمانه.. وإن الراهن من مؤشرات سطوة الإلكتروني, وفضاءات المفترض، والافتراضي تشير إلى أن البقاء للورق الملموس، ذي الأحبار نافذة العبق في الصدور، اللصيقة بمسامات الكف, والأصابع.. فهذه هي المسارب، والدروب وحدها لمكون لُحمةِ الفكر, والحس, والذاكرة، ومكونات الأبقى في الإنسان بما هو له..!
معرض الكتاب هو الجرس الذي يوقظ المنكفئين كلَّهم على شاشات الفضاء الغامض، ذي اللون الرمادي، المحرض للتوجس من نقرة ماحية، وخلل طارئ, وسارق متطفل في خفاء, وزلة طرقة تُفقد المرءَ كلَّ الذي حصده في لمحة وقت، مهما تطورت وسائل الحفظ، وبرامج الاستعادة، ومستحدثات التقنية..
لا بقاء إلا للورق..!!
والمستقبل كشاف ساداتي..
والآتي سيقول الذي أقول الآن.. وأكثر..
فلا ضيع الله للمجتهدين جهودَهم في إقامة هذه الاحتفالية كل عام..
لعلهم يبعثون شيئاً من الأشواق العليا في النفوس..
فهي قد باءت طُعماً لمفرزات الذي يدور..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855