(1) مساواة الجنسين: أين يكمن الخطأ؟
سئلتُ مرة عن فكرة المساواة بين المرأة والرجل، فقلت:
المساواة بين المرأة وشقيقها الرجل بالمدلول التجريدي المطلق خرافة، لأن للمرأة خصوصية فطرها الله عليها، وللرجل مثل ذلك.. ومن ثم فهمها غير متماثلين تماماً كي يكونا متساويين، وليس في هذا القول إنقاص من قدر المرأة ولا قدراتها، والذين يزعمون غير ذلك.. يظلمون الرجل والمرأة معاً! نعم.. هي مكلّفةٌ مثل الرجل.. في أمور الدين إلاّ ما تحول دونه خصوصيتُها المميزةُ لها، وكذا الأمر في الحقوق والواجبات المنبثقة عن منظومة الولاء للوطن والانتماء إليه.
* * *
- نستطيع أن ننصف المرأة والرجل معاً.. متى اعتبرناهما كيانيْن يتّمم بعضُهما بعضاً، لا ندَّيْن مستقلين.. ينافس أحدُهما كينونةَ الآخر. قديماً كان رجل الجاهلية يئد فتاته خوفاً من العار.. لأنه وأمثاله قصروا فهمهم لها.. على فكرة العار، لا فكرة التكامل.. ففعلوا ما فعلوا.. وجاء الإسلامُ (ليئِدَ) هذا الأسلوبَ الظالمَ.. ولينقذ المرأة من وحشية الجهل والجاهلية.. فيعيد إليها اعتبارها وحريتها.. وحقها.. في الحركة والحياة.. هذه هي (المساواة) الراشدة.. لا (رومانسية) العبث التي تخلط بين الليل والنهار والممكن والمستحيل!
* * *
(2) ورقة من تقويم العمر:
- عادت بي الذكرى إلى سنوات خلت من عمري، حين كنت أعيش مع جدي لأمي (رحمهما الله) في بيئة ريفية تتعانق الجبال من حولها وتحتضنها الوديان المحيطة بها بكظائمها وغيولها وشواطئها المكسوة بالسندس الأخضر، ولم يكن معي في تلك البيئة الموغلة في القدم طفلُ جار ألهو معه، وأتنفس من خلاله عبق الطفولة البريئة، جِدّاً ولعباً!
* * *
- وفي تلك البيئة الزراعية الصارمة أكملتُ جزءاً من مشوار الطفولة، يفيقُ نهارُها قبيل مولد الشمس، وُيغمض جفنيْه بُعيْد غروبها، يلي ذلك سُباتٌ طويل حتى الفجر التالي، لنستأنفَ (الركض) بعده مجدداً! وفيها تعلمتُ الجدَّ ولا شيءَ سواه، وكانت لحظاتُ اللَّهو محدودة، وكنت (اقتدي) بالكبار في معظم الأمور جِدّاً ولهواً، واعتقد أن شخصيتي اكتست من خلال ذلك بنسيجاً عجيباً متعدَّد الأطياف، فأنا (رجل) بين الرجال أو حين أكونُ وحيداً أسْقي الزرعَ أو أرعَى الأغنام، و(طفل) مع من يماثلونني بنيةً وسناً!
* * *
- ولستُ اليوم نادماً على ذلك ولا كارهاً، فقد تعلمتُ من خلاله الكثيرَ، ومَنْ يدري لو نشأتُ في بيئة مرفّهة كما يفعل كثيرون من أفراد جيلنا الحاضر، إذن، لكان مشوار العمر مختلفاً!
* * *
(3) وقفة تتجدد مع المثقف:
- المثقف هو ذاك الذي يوظف المعلومة والرؤيةَ والموقفَ معاً في قراءة هموم الإنسان المحيط به والبعيد عنه سواء، ويتفاعل معها بإصرار وإبداع.. يحوّل تلك الهموم إلى عصارة وجدانية تتغذّى منها نفسه، ويتنفّسُ بها عقلُه، ويشقى بدواعيها خاطره، يصيّرها مدَاداً يروي قلمهَ، وهاجَساً يلهمُ لسَانهَ، ومضموناً يثري طرحَه، ولا بد بعد ذلك كله أن تتوفّر لدى هذا المثقف القدرةُ على إقامة جسر الكلام، مسموعاً أو مقروءاً مع من يريد أن يشاطرهم الهمَّ وأن يكون ذلك الجسر فاعلاً ومؤثَّراً، وإلاّ كان الكلام كحرثٍ في بحر أو طنين في وادٍ!
* * *
(4) أجمل الهدايا وأبلغها أثراً:
- الهدايا (العينية) التي تلقيتها في حياتي أكثر من أن تُحصَى، ومن طبعها أن تفقد قيمتَها مع تقادم الزمن، أمّا الهدية التي لا تُنسَى فهي (معنوية) مضموناً ومدلولاً، يأتي في مقدمتها رضا الله عليّ استدلالاً برضا والديّ عني قبل أن يرحَلا إلى الفردوس الخالد بإذن الله، ثم النجاح في (ماراثون) الحياة تحصيلاً دراسياً، ثم عملاً، وأخيراً وليس آخراً، (الثقة الغالية) التي أُوليتُ إيّاها من قبل أولي الأمر الكرام حفظهم الله وأدام عزهم، ولولاها، بعد توفيق الله، ما أدركت ما أنا فيه الآن، وتلك هي أجملُ الهدايا وأجلّهُا!