وقف أعضاء مجلس الشورى لأداء القسم ومثلهم يقف أصحاب السمو والمعالي مسؤولو الدولة. تلك الوقفات تشكّل منظرًا مهيبًا يفرح فيه مؤدي القسم بحيازته ثقة قائد البلاد لأداء المهام الموكلة إليه، وهي ثقة تحمل التشريف من قائد الأمة للمختارين، وأكثر من ذلك هي تعني التكليف، كما أشار إلى ذلك خادم الحرمين الشريفين في خطابه لأعضاء وعضوات مجلس الشورى الجديد. ويفرح أقرباء وأصدقاء وزملاء الأشخاص الذين تَمّ اختيارهم حين يرونهم يتسنّمون المناصب العليا كمؤشر ثقة وتميز.
قائد البلاد كذلك يفرح بالكفاءات التي يحتضنها الوطن التي يبني عليها آمالاً عريضة لتعاونه -كل في مجاله وما أوكل إليه- في تحقيق تطلُّعاته كمسؤول أول عن اختيارهم وتطلُّعات الشعب الكريم بما لا يخالف الثوابت والأسس.
وقد لا حظنا فرحة الملك -حفظه الله- التي عبَّر عنها باعتزازه بأعضاء مجلس الشورى في حديثه الأبوي إليهم، لدرجة تمنيه أن يسلم عليهم ويحضنهم فردًا فردًا. هي وقفات تفرحنا بأن بلادنا فيها الكفاءات والقدرات المتجدِّدة بِشَكلٍّ دائمٍ ومستمرٍ، ولولا هذا التجدّد لما ذهب خلف وأتى سلف في كلِّ موقع ومنصة قيادة. إنه قسم عظيم يحمل الكثير من المعاني والرسائل التي يجب أن يستوعبها من أدلى بالقسم ويجعلها نبراسًا يضعه أمامه في كلِّ عمل ومهمة يقوم بها. هو عقد علَّني يجب أن يلتزم به المكلف سواء كان أميرًا أو وزيرًا أو عضوًا بمجلس الشورى. عهد يقطعه قائله على نفسه بأن يكون أمينًا على صيانته والسير وفقه.
أن تقسم بالله العظيم على أن تُؤدِّي الأمانة لا يعني مُجرَّد الاحتفاء البروتوكولي بأداء كلمات القسم وإنما يعني أن تكون جديرًا بذلك.
والجدارة تعني بذل أقصى الجهد الممكن في عملك فإنّ كنت عضو مجلس شورى فليس المطلوب هو فقط حضور جلسات المجلس، بل البحث والتحرِّي والدِّراسة لأفضل الحلول والممارسات والآراء في الموضوع الذي يتم نقاشه متوخيًا ترجيح المصلحة العامَّة للوطن بِشَكلٍّ موضوعيٍّ بعيدًا عن المصالح والتحزبات الخاصَّة والضيقة. أن تكون أمينًا في عملك يعني إلا تتجاوز أخلاقيات ونظَّم عملك وأن تعلم أن صوتك يمتدّ أثره إلى مدى أبعد في إصدار قرارات وأنظمة ومعاهدات ستحاسب عليها أمام خالقك الذي أقسمت به.
القسم يتجاوز التهاني لك من قائد بلادك -خادم الحرمين الشريفين- إلى تكليفك برعاية مصالح النَّاس فيما أوكل إليك من مهام على أفضل وجه ممكن دون تراخٍ ولا تقاعس ولا تعالٍ. ويتجاوز كونك أصبحت قائدًا في موقعك أو مجالك إلى كونك أصبحت نائبًا عن المليك وعن الحكومة فيما أوكل إليك من عمل.
الأصل هو أن القائد يختار من يتوخى فيه الكفاءة والقدرة والأمانة لينوب عنه في إدارة شأن من شؤون الدولة، وهذا يعني أن اختيار خادم الحرمين الشريفين لك أيها المسؤول لم يأت من فراغ وإنما من مبدأ الثِّقة في قدراتك وإمكاناتك، فكن العضو أو المسؤول الأمين، وكن عند حُسْن الظَنِّ بمن منحك الثقة. لقد تَمَّ اختيارك وفق معايير مُعيَّنة لأداء مهام محدّدة، فلا تعتقد أن هذا يعني صراحة أو ضمنًا بأنك أفضل البشر، بل عليك أن تتحلَّى بالتَّواضُع والاستماع والتحاور مع الآخرين بِكلِّ احترام للتعلم ولتكون قراراتك مبنية على دراية ورؤية واعية. أنت مكلف ومثّل النَّاس ومثّل الوطن فكن حريصًا على التواصل مع النَّاس وكن حريصًا على مصلحة الوطن، سواء كنت أميرًا أو مسؤولاً حكوميًّا أو عضوًا بمجلس الشورى...
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm