|
الجزيرة - المحليات:
أكد معالي مدير عام الدفاع المدني الفريق سعد بن عبدالله التويجري حرص المديرية العامة للدفاع المدني على مد جسور التواصل والتعاون مع كافة مؤسسات المجتمع السعودي الحكومية والأهلية ومؤسسات العمل التطوعي بهدف تعزيز الإجراءات الوقائية ضد كافة المخاطر والحوادث التي تهدد مكتسبات الوطن وسلامة أبنائه والمقيمين به، والإفادة من قدرات مؤسسات المجتمع المدني في نشر ثقافة السلامة وتنفيذ البرامج التوعوية وإتاحة الفرصة أمام شباب المملكة للتطوع ضمن صفوف الدفاع المدني في حالات الطوارئ.
وأشار الفريق التويجري في حوار الجزيرة بمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني إلى أهمية المشاركة المجتمعية في دعم جهود الدفاع المدني لأداء رسالته الإنسانية والوطنية في حماية الأرواح والممتلكات، مؤكداً أن المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني عندما اختارت «المشاركة المجتمعية والدفاع المدني» شعاراً لاحتفالاتها باليوم العالمي للدفاع المدني لهذا العام، فإنها تجسد عملياً مقولة «كلنا دفاع مدني» التي أطلقها فقيد الوطن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز قبل سنوات عدة، وكانت الركيزة لتفعيل آليات الشراكة المجتمعية لجهاز الدفاع المدني السعودي على أسس واضحة من استشعار المسؤولية الوطنية واستلهام تعاليم الإسلام السمحة في التعاون على البر والتقوى وإغاثة الملهوف وتفريج الكربات.
ولفت معالي الفريق التويجري خلال الحوار إلى حرص المديرية العامة للدفاع المدني على الإفادة من «احتفالات اليوم العالمي للدفاع المدني» هذا العام في بناء جسور شراكة فاعلة مع كافة مؤسسات المجتمع المدني عبر تنفيذ عدد كبير من الزيارات الميدانية وإقامة المعارض التوعوية وتوقيع اتفاقيات التعاون والتنسيق مع عدد من المؤسسات التعليمية والجمعيات الأهلية والشركات الوطنية لدعم جهود الدفاع المدني في أداء مهامه، وفيما يلي تفاصيل الحوار.
تشارك المملكة دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للدفاع المدني لعام 2013م، تحت شعار «المشاركة المجتمعية والدفاع المدني» فماذا أعددتم لذلك؟
- بداية نود أن نشير إلى حرص المديرية العامة للدفاع المدني- بناءً على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، رئيس مجلس الدفاع المدني - على المشاركة في مثل هذه المناسبات العالمية والإفادة منها في تطوير خدمات الدفاع المدني وتعزيز قدراته لأداء مهامه في الحفاظ على مكتسبات الوطن وسلامة أبنائه وتقديم صورة موضوعية مشرفة لما وصل إليه الدفاع المدني السعودي من تطور كبير شهدت به كبريات المنظمات الدولية للحماية المدنية سواء من حيث الآليات والمعدات أو القوى البشرية المؤهلة.
وفي هذا الإطار تم إعداد خطة متكاملة لفعاليات اليوم العالمي للدفاع المدني هذا العام تهدف لتفعيل آليات الشراكة مع كل مؤسسات المجتمع، تتضمن حزمة من الفعاليات والأنشطة التوعوية والتدريبية وعدد كبير من الزيارات للجامعات والمدارس ومؤسسات العمل التطوعي والشركات الوطنية وغيرها، بالإضافة إلى إقامة عدد كبير من المعارض والمحاضرات وورش العمل بالتنسيق مع لجان الدفاع المدني في جميع مناطق المملكة، كما تتضمن الخطة طباعة وتوزيع عدد كبير من الإصدارات التوعوية والإرشادية وسوف تستمر الفعاليات طوال شهر مارس 2013م ويشارك فيها كافة مديريات الدفاع المدني.
من وجهة نظركم، ما هي دوافع اختيار «المشاركة المجتمعية والدفاع المدني» شعاراً لليوم العالمي للدفاع المدني لهذا العام؟
تسعى المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني في جنيف من خلال الاحتفال باليوم العالمي كل عام إلى إلقاء الضوء على أحد الجوانب التي يمكن من خلالها تعزيز قدرة الدفاع المدني لأداء مهامه وتنمية الوعي لدى أبناء الدول والمجتمعات في هذا الجانب مثل السلامة في المنازل والمنشآت الصناعية والتجارية أو التعاون بين الدول في حالات الكوارث الكبرى.
واختيار شعار «المشاركة المجتمعية» لفعاليات هذا العام يهدف إلى إبراز مسؤولية مؤسسات المجتمع في أي دولة في دعم جهود أجهزة الحماية المدنية لأداء مهامها وحث هذه المؤسسات على الإسهام بدور فاعل في هذا الشأن.
والحقيقة أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -يرحمه الله- كان سباقاً في هذا المعنى بالمملكة عندما أطلق مقولة «كلنا دفاع مدني» تأكيداً على مسؤولية كل مؤسسات المجتمع بما في ذلك الأفراد والمواطنين والمقيمين في التعاون مع رجال الدفاع المدني ليس فقط في أوقات الطوارئ بل في جميع الأوقات عبر الاستجابة لاشتراطات السلامة التي تنص عليها لوائح الدفاع المدني والإفادة من برامج التوعية الوقائية ضد المخاطر التي تدخل في مجال عمل الدفاع المدني وصولاً إلى التطوع على أعمال الدفاع المدني. وقد وضع سموه يرحمه الله بهذه المقولة الركيزة الأولى لتفعيل آليات المشاركة المجتمعية للدفاع المدني بالمملكة حيث إن سلامة أبناء الوطن، والحفاظ على المكتسبات الوطنية لا يمكن أن تكون مسؤولية رجال الدفاع المدني فقط، بل مسؤولية كل مؤسسات المجتمع.
وكيف ترون حجم المشاركة المجتمعية أو التفاعل مع جهاز الدفاع المدني بالمملكة؟
بكل ثقة نقول إن منطلقات ودوافع المشاركة المجتمعية في دعم جهود الدفاع المدني راسخة وأصيلة في نفوس كل أبناء الوطن وذلك لأنها بكل بساطة تنبع من تعاليم الإسلام العظيمة في التعاون على البر والتقوى وإغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج وتفريج كربات المكروبين كما تنبع من أن الإسلام يحفظ الضرورات الخمس ومنها النفس والمال، وهو ما يمثل جوهر عمل جهاز الدفاع المدني، فضلاً عن شيم أبناء المجتمع السعودي من شهامة وتضحية وهو ما يتجلى في كثير من المواقف التي تتطلب مشاركتهم وليس ببعيد عنا ما قام به أبناء المملكة في حوادث مثل سيول جدة أو تبوك، بل إننا نرى مبادرتهم لمساعدة أبناء الدول الشقيقة والصديقة التي تتعرض للمحن والأزمات وهو ما تمثل من خلال التفاعل الكبير في مساعدة أبناء الشعب الباكستاني أثناء الفيضانات وكذلك تقديم المساعدات الإغاثية لأبناء الشعب السوري في محنته الحالية والأمثلة على ذلك كثيرة.
ونحن حريصون -كل الحرص- على إتاحة الفرصة لأبناء الوطن للمشاركة في دعم جهود الدفاع المدني تعزيزاً لقيم الانتماء والمواطنة من ناحية الإفادة من هذه الطاقات الخيرة متى كانت هناك حاجة لذلك، وهو ما يتضح من خلال فتح باب التطوع للمشاركة ضمن صفوف الدفاع المدني خلال مهمة الحج وغيرها من أعمال ومهام الدفاع المدني، وذلك بعد تدريب وتأهيل الراغبين في التطوع لأداء هذه المهام.
لكن ماذا عن مشاركة مؤسسات المجتمع السعودي في دعم جهود الدفاع المدني؟ وهل ترقى إلى مستوى الطموحات؟
المؤسسات هي تجمعات لأفراد وقناعات أبناء الوطن من الأفراد هي التي تقود توجهات هذه المؤسسات والقيادة الرشيدة تقدم كل يوم المثل والقدوة في دعم جهود الدفاع المدني وتشجيع أبناء الوطن «أفراداً أو مؤسسات» للإسهام في كل أعمال الخير وخدمة المجتمع، ومن ذلك مساندة الدفاع المدني كواجب وطني ومطلب شرعي لحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وهناك مؤسسات تقوم بدور مشرف وعظيم في مجالات خدمة المجتمع ولنا في شركة «أرامكو» مثال على ذلك، وهناك أيضاً المئات من مؤسسات العمل التطوعي والخيري لها إسهامات متميزة في مجالات عمل الدفاع المدني، إلا أن الموضوعية تقتضي القول إن الأمر يتفاوت من مؤسسة لأخرى ومن وقت لآخر، فنجد إسهامات مؤسسات المجتمع حاضرة بقوة في أوقات الطوارئ والحوادث كما حدث في سيول جدة، بينما تتراجع في الأوقات الأخرى، ونتطلع إلى مزيد من الشراكة المجتمعية التي نلمس ثمارها في التزام كل مؤسسات المجتمع باشتراطات السلامة التي تنص عليها أنظمة الدفاع المدني والمشاركة الفاعلة في نشر ثقافة السلامة بين المستفيدين من خدمات هذه المؤسسات وكذلك العاملين بها، وصولاً إلى تنفيذ برامج التدريب للتعامل مع المخاطر والحوادث حال وقوعها -لا قدر الله-.
لكن ألا يتطلب ذلك وجود آليات واضحة تتيح لمؤسسات المجتمع المشاركة في دعم جهود الدفاع المدني؟ والتعريف بمجالات هذه المشاركة؟
هذا صحيح، والمديرية العامة للدفاع المدني تعمل جاهدة في هذا الاتجاه من خلال الإعلان عن فتح باب التطوع على أعمال الدفاع المدني سنوياً وتحديد الاحتياجات من المتطوعين وتنفيذ البرامج التدريبية لهم في مراكز تدريب الدفاع المدني بجميع مناطق المملكة، وفق ما تنص عليه الأنظمة واللوائح ولدينا قاعدة بيانات للمتطوعين يتم تحديثها سنوياً، هذا بخلاف منظومة من البرامج التدريبية والتوعوية التي يتم تنفيذها في المدارس والجامعات والشركات الكبرى والمراكز التجارية والتي تهدف إلى تنمية مهارات المعرفية والخبرات للوقاية من المخاطر في هذه المنشآت والتصرف السليم في حالات الطوارئ لأن المشاركة التي ننشدها ونسعى إليها تبدأ بمعرفة المخاطر وسبل الوقاية منها ومسؤولية الأفراد وتنمية مهاراتهم في التعامل معها وهو ما ينعكس على السلامة بمفهومها الواسع، سواء في المنزل أو المؤسسة أو في دعم جهود الدفاع المدني الميدانية في مباشرة الحوادث والتخفيف من آثارها، ونطمح في المستقبل القريب إلى تفعيل دور مراكز الأحياء والمجالس البلدية والغرف الصناعية والتجارية والجامعات والمدارس لتعزيز إسهامات المجتمع «مؤسسات وأفراد» في كل أنشطة وبرامج الدفاع المدني لنشر ثقافة السلامة واكتساب مهارات التعامل مع المخاطر وبمشيئة الله تعالى سوف تستمر جهودنا من أجل شراكة فاعلة مع كل مؤسسات المجتمع السعودي.
وهل يقتصر هذا التواصل على البرامج التوعوية والإرشادية فقط أم يتضمن برامج علمية من أجل مشاركة حقيقية بين الدفاع المدني ومؤسسات المجتمع؟
البرامج التوعوية هي أحد محاور خطتنا لبناء هذه الشراكة، لكن هناك محاور أخرى تشمل التدريب من خلال الفرضيات التي يتم إقامتها بالتعاون مع عدد كبير من المؤسسات مثل برامج تدريب العمالة المنزلية وبرامج تدريب طلاب وطالبات الجامعات والعاملين بها وبرامج تدريب المتطوعين، إلى جانب المعارض والتي من خلالها يتم التعريف بمعدات السلامة وكيفية استخدامها وكذلك التعريف بمخاطر التجمهر وغيرها من الجوانب الأخرى التي تهدف كما أشرنا إلى التوعية الوقائية ضد المخاطر وتنمية مهارات التعامل معها.
لكن هل ثمة معوقات تؤثر سلباً في حجم المشاركة المجتمعية في دعم جهود الدفاع المدني؟
في البداية لا بد أن نقر أن هناك إدراكا ووعيا لدى شريحة كبيرة بأهمية متطلبات السلامة الوقائية في كافة مناحي الحياة ونحن نعد هذا هو أساس الشراكة وقاعدتها الصلبة، ولكن التفاوت في الغالب يكون في درجة قناعات البعض بأهمية هذه المشاركة وهو ما يفسر تهاون البعض بشأن اشتراطات السلامة في منازلهم أو مؤسسات عملهم، ولا يدرك هؤلاء الخطأ إلا عند تعرضهم للمخاطر أو الحوادث، وربما يتطلب الأمر بذل جهد أكبر في بيان أهمية هذه الشراكة والتعريف بمجالاتها ومن جانبنا لا ندخر جهداً في هذا المجال وليس من خلال فعاليات اليوم العالمي للدفاع المدني فقط بل على مدار العام من خلال المناسبات الوطنية والمهرجانات الثقافية والزيارات الميدانية لكافة المؤسسات أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط الإعلام الجديد والتي أسهمت كثيراً في تعزيز التواصل مع فئات كثيرة من أبناء المجتمع، لكن يظل الأمر بحاجة إلى تضافر الجهود المؤسسات التعليمية والإعلامية ومؤسسات العمل الاجتماعي وإدارات العلاقات العامة في الشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية ومتى تكاملت الجهود كانت الشراكة أكثر قوة وفاعلية لنصبح جميعاً «رجال دفاع مدني» في خدمة الوطن.
وإلى أي مدى تمثل الانتقادات التي توجه لرجال الدفاع المدني في بعض وسائل الإعلام معوقاً لهذه الشراكة؟
النقد الهادف البناء يدعم هذه الشراكة التي نتطلع إليها والتناول الإعلامي الموضوعي الأمين لأي قصور في أداء رجال الدفاع المدني إن حدث يفيدنا في مد جسور الشراكة الحقة والإفادة منها في تطوير الأداء، بعكس بعض الأطروحات التي لا تستند إلى دليل حقيقي والتي تؤثر سلباً في نفوس رجال الدفاع المدني الذين يواجهون المخاطر ويتصدون لها في كل ميادين الواجب ويقدمون أرواحهم من أجل إنقاذ الآخرين، ونحن نعول كثيراً على جهود وسائل الإعلام في تشجيع المشاركة المجتمعية للدفاع المدني والحث عليها كما نرحب بالنقد الهادف الذي يساعدنا على علاج أي قصور -إن وجد- فالشفافية والإخلاص في العمل هو الأساس الصلب لشراكة حقيقية وفاعلة بين الدفاع المدني وكل مؤسسات المجتمع.