على الرغم من أن تونس، تعيش مرحلة الانتقال من الثورة إلى تأسيس نظام ديمقراطي جديد، إلا أنها دخلت في نطاق أزمة سياسية، ودستورية، بعد تصاعد الأحداث بشكل مفاجئ. وما يجري على أرض الواقع، يدرك أن تونس على فوهة بركان سياسي، -خصوصا بعد مقتل - المعارض اليساري البارز - شكري بلعيد، مما دفع بها إلى أزمة تفكك، تعاني منها مؤسسات الدولة، بل وأصبحت البلاد مهددة بالدخول في موجة من العنف، والقتل، والتخريب.
باغتيال شكري بلعيد، ارتبكت الساحة السياسية بعد أن خُلطت الأوراق، ودفعت بالأمور نحو الفوضى، وعدم الاستقرار. وفي تقديري، أن تونس مقبلة على أزمة ثقة بين كافة الأطراف، والقوى السياسية. وما لم تُقدم مبادرة حكومة الكفاءات ؛ من أجل تجنيب البلاد التجاذبات السياسية، باعتبارها مخرجا للأزمة، فإن الأمور قد تتجه إلى التعقيد، - وبالتالي - إطالة الأزمة السياسية، التي ألقت بظلالها على الديمقراطية في تونس، وعلى اقتصادها الضعيف. من جهة أخرى، فإن تونس تعاني -كما تقدم- من أزمة اقتصادية حادة، تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة، واستثنائية؛ لإنعاش الاقتصاد، وتلك ورقة أخطر من انقسام النخب السياسية على نفسها، وهذا ما ذكره مركز أبحاث، ودراسات وكالة أنباء «الشرق الأوسط»، إذ يعد التخفيض المتتالي في الترقيم السيادي الائتماني لتونس، أحد انعكاسات تراجع الأداء الاقتصادي، كما قامت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية «ستاندارد أند بورز» - قبل أيام -، بتخفيض جديد للتصنيف التونسي، وهو التخفيض الثاني خلال أربعة أشهر، من درجة «بي بي» إلى «بي بي سالب». ثم إن نسبة الديون بلغت نحو 50 % من الناتج المحلي. وفي المقابل، فقد ارتفعت نسبة التضخم إلى 6 %، -إضافة- إلى أن الوضع الأمني، والاجتماعي غير مستقرين، فمشكلات الفقر، والجوع، والأمية، والبطالة، وغلاء الأسعار في ازدياد، وهو ما يفسره أعمال العنف، والحركات الاجتماعية المتنامية .
تونس في مفترق طرق، -ولذا- فإن تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية الضيقة، والارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية، تقتضي تحديد رؤية واضحة، وموحدة حول القضايا السياسية، تقوم على مأسسة الانتقال الديمقراطي . والعمل على آفاق واسعة؛ لإقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات قادمة ؛ من أجل التوصل إلى نتائج ملموسة، والخروج بالبلاد من الوضعية الاستثنائية إلى دولة مؤسسات، تحافظ على المكتسبات، التي تحققت في مجالات كثيرة.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية