|
منيرة ناصر آل سليمان:
بعد كل تلك الجرائم التي هزت المجتمع من الخادمات في حق الطفولة والأسرة بشكل عام تزايدت المطالب بضرورة إيجاد حلول تضمن سلامة الأطفال وتوفر الراحة النفسية للأم العاملة وربما غير العاملة، كما طرح الكثيرون حل الحضانات الحكومية المنظمة والمراقبة بشكل مطمئن ذلك أن له الكثير من الإيجابية على مستوى المجتمع وليس الأسرة فحسب ويتوقع أن يحقق الكثير للمرأة العاملة على وجه الخصوص ويكون انعكاسه جيدا على العمل.
الجزيرة سلطت الضوء على بعض الآراء والتجارب بالإضافة إلى رؤية المسؤولين في هذا الشأن، وكانت البداية عندما توجهنا للسيدات في ميدان العمل حيث تحدثت رقية المحيمل فتقول: «ليس لدي أطفال ولكنني ألمس معاناة زميلاتي والأوضاع التي يعشنها ولا أتمنى أن تعيش المقبلات على العمل والأمهات الصغيرات على هذا الواقع، هناك معاناة لا يمكن تجاهلها حين تغيب الأم عن طفلها عدة ساعات وهو رضيع أو مريض وفي يد عاملة أجنبية! لذا أؤيد فكرة الحضانات وكنت أتمنى أن تكون المبادرة من الوزارة ذاتها».
فكرة متعددة الفوائد
فيما تتحدث ليلى الشبيلي عن الايجابيات المرتبطة بفكرة الحضانات، قائلة إن لها فوائد لا تخفى على الجميع لاسيما إذا تم إنشاء هذه الحضانات في كل حي وتنظيمها من حيث الجهة المسؤولة والإشراف عليها ونفقاتها والعاملات فيها، وتضيف «سيكون من الجيد أيضا الاهتمام بالرواتب بحيث تكون مجزية ومحفزة مع التركيز على سعودة الوظائف فيها وتدريب الحاضنات والكشف الصحي عليهن» وترى الشبيلي ضرورة ألا يتم الاعتماد على العاملات الأجنبيات خاصة غير المعتنيات بالنظافة مشيرة إلى أن في تجارب الحضانات الخاصة تجارب موجعة لكثرة مرض الصغار وانتشار العدوى بينهم. وهو ما يقود للمطالبة بوجود ممرضة أيضا وهذا يوفر وظائف لخريجات التمريض.
من جانبها، تلقي نورة القحطاني الضوء على أهمية الحاضنات للطفل وتأثيرها إيجابيا عليه، وتعلق «لا شكل أنه سيعيش بيئة أسرية جيدة مع بنات البلد فيخف تأثير العمالة وتسرب ثقافتهن إلى الطفل مع كثرة الاحتكاك والتعامل خاصة العادات الغريبة على مجتمعنا حتى وإن كانت غير مؤذية، فالطفل وان كان رضيعا سيشارك أقرانه قضاء الوقت بطريقة إيجابية مع متخصصات قادرات على إفادة الطفل وتنظيم وقته والاعتناء بصحته ومراقبة غذاءه ، وهذا كله سيعود بالراحة على أمه لتبدع وتنتج!».
التنظيم الحكومي في وجه الاستغلال
«ريم» تؤيد فكرة الحضانة الحكومية وتنظيمها كالمدارس تماما سواء كان ذلك بإشراف وزارة التربية أو وزارة العمل، وتشير إلى أن الحضانات الخاصة مستغلة وتغالي في الأسعار بشكل لافت بدلاً من أن تكون رمزية وفي متناول الجميع.
الرأي نفسه الذي تتفق معه «سهام» بقولها أن الحضانات الخاصة مبالغ في أسعارها حتى أنهم يحتسبون أسابيع الإجازة بالرغم أن الطفل في المنزل!؟ إضافة لمعاناة الأم العاملة عند التأخير نظرا لظروف المناوبة مثلا في عملها.
أم أسامة، تحدثت لنا عن تجربتها تقول: «معاناتي مع طفلي الذي اضطررت لوضعه في حضانة خاصة وكنت أتركه وهو يصرخ ولا تسألي عن وضعي النفسي! وحين بدأ بالتأقلم أصبح يمرض كثيرا ربما لعدم مراقبته من قبل العاملات وصار الصراع يحيطني فهل أتغيب وأهمل عملي أم أتنازل عن أمومتي وأتركه في يد غيري؟ لذلك سيكون من المريح لنا ولأطفالنا أن توجد حضانة قريبة منظمة ومراقبة ونستطيع أن نقضي مع أطفالنا بعض الوقت بالتنسيق مع إدارة المدرسة خاصة الأطفال الرضع فلا يحرموا من الرضاعة الطبيعية.ولا أجمل من أن تكون قريبة من مقر العمل فإضافة مشوار لتوصيل طفل آخر مع الأطفال الآخرين وفي هذا الزحام محبط ومرهق».
راحة نفسية.. وإنتاجية أكثر
نهلة الحناكي تقول بثقة أن إقرار فكرة الحضانات الحكومية أسهل مما هو متوقع ولا يحتاج للكثير بالنظر لبعض التجارب التي نجحت حين تم تنفيذها بمجهودات فردية، وتضيف «هذا الحل سيوفر الراحة النفسية للام العاملة ويجعلها قادرة على الإنتاج والعطاء كما سيحد من غيابها أيضا حيث أن الأطفال ومشاكلهم الصحية والنفسية هي أكثر مسببات ارتفاع نسبة غياب الأم العاملة،كما أنه سيوفر الكثير من الوظائف لبناتنا وسيخفف من نسبة البطالة بينهن».
«سارة» لا تختلف مع الرؤية السابقة لكنها تتمنى أن تكون العاملة في الحضانة أكبر سنا من فتاة ليس لديها الخبرة في التعامل مع الصغار، فالحاضنة الأكبر عمرا تظل أقدر على التحمل والتربية وهذا لا يمنع من تدريبها على وسائل التربية الحديثة.
أما الجوهرة السيف فتتمنى أن تكون الحضانة ملحقة بالمدارس لاسيما المجمعات وتكون تابعة لوزارة التربية والتعليم من حيث التنظيم والإشراف كالمدارس تماما ولا تختص بمنسوبات التعليم بل تكون عامة لجميع العاملات.
في حين ترى الجوهرة ناصر -رغم تأييدها للفكرة ومشاهداتها لها على الواقع- أنه يجب أن يكون هناك ضوابط لدخول الموظفات أو منسوبات المدرسة للحضانة حرصا على التنظيم وأوقات العمل فيكون هناك تنسيق مسبق بين المدرسة والحضانة لكل أم حسب جدول فراغها فلا تحدث فوضى فيهما.
تجارب فردية ناجحة
المدهش أن الفكرة وجدت منفذة منذ سنوات ولكن بجهود فردية، وقد كانت ناجحة جدا على حد قول من عشن التجربة ويؤكدن على الراحة النفسية لهن والتأثير الايجابي في العطاء ومستواه أيضا.
تحكي زبيدة عن فكرة الحضانة والروضة الملحقة بالمدرسة(مجمع) والمنفذة في مدرسة(خارج الرياض)منذ عدة سنوات فالطفلة مثلا تدخلها رضيعة وتخرج منها شابة!، فقد تم تجهيز عدة غرف للحضانة والروضة معا والعاملات من السعوديات أيضا ومع تعاون المعلمات نجحت التجربة نجاحا ملفتا.
بينما تتحدث منى الدايل عن التجربة ذاتها في إحدى مدارس الرياض ومنذ خمسة عشر عاما لكنها بجهود المديرة والمعلمات فتقول»بنينا غرفا داخل المدرسة بحيث تكون إحداها للنوم مجهزة بأسرة وإضاءة خافته وأخرى للألعاب والتلفاز واقتسمنا التكلفة بيننا لكن في نهاية العام جاءت فاعلة خير وأرجعت المبالغ لنا!»
تتابع منى حديثها باندهاش كيف كانت الأخت العاملة تعتني بالصغار وتهتم بهم ، تضيف»كنا نحضر الخادمات بالتناوب لمساعدتها، كانت تجربة مدهشة ومريحة ولا تزال مستمرة وتؤتي ثمارها ولله الحمد».
أما نهلة فكانت تجربتهم بسيطة فالمدرسة مستأجرة ولم تكن تحتمل المزيد، تقول «بنينا غرفة خلفية وبابها خارجي، كان لدينا أحد عشر طفلا مع عاملة سعودية وأحضرنا الأسرة والدراجات وكنا سعداء بالتجربة على بساطتها».