يُعتبر حزب الله العراقي المرتبط بإيران، وحزب الله اللبناني، الأبرز امتدادا منذ الفترة، التي تلت عام 2006م، حيث ارتبط اسم كتائب حزب الله العراقي بعصائب الحق، وكذلك العكس، وهو ما أشار إليه الأستاذ جاسم محمد، حيث تصاعدت عمليات التنظيمين بعدما برز اسمهما بداية عبر مصطلح المجاميع الخاصة، ثم تصريحات القيادات العسكرية الأمريكية، وكانت كتائب حزب الله العراقي تقاتل على شكل كتائب، منها: كتيبة أبي الفضل العباس، وكتيبة كربلاء، وكتيبة زيد بن علي، ثم تجمعت هذه الكتائب، وشكلت كتائب حزب الله في: 21 -8-2007م، بعد خطاب حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، وإشارته إليهم بالاسم. وقد انشق الحزب بعد ذلك إلى قسمين، هما: حركة حزب الله، وأسسه حسن راضي الساري، الذي يتمتع بعلاقة وثيقة مع المجلس الأعلى، ومنظمة بدر، إضافة إلى حزب الله العراقي، ويترأسه عبد الكريم ماهود المحمداوي، وتتبع له صحيفة البينة، وهي من أشد الصحف طائفية.
بروز الثورة الخمينية في إيران، كان له التأثير المباشر في صياغة أفكار الحزب، واستلهماته النظرية، والتطبيقية على أرض الواقع، حتى وإن جاءت متأخرة. فارتباط حزب الله العراقي بإيران، كان نتيجة أعقاب الحرب الطائفية في العراق عام 2005م؛ وليكون فيلق القدس الإيراني همزة وصل بين الحزب من جهة، والخلايا الإرهابية الإيرانية من جهة أخرى، والمسؤولة عن عمليات التدريب، والتوجيه، والدعم اللوجستي، والمالي.
قبل أيام، دعا حزب الله العراقي إلى تشكيل جيش المختار، وهو الدور الذي أناطته إيران ؛ ليلعبه الحزب في المستقبل ؛ وليدخل الشعب العراقي في نفق الاقتتال، والاحتراب، والصدام بين مكوناته. وكان اللافت للنظر، دعوة أحد قادة الحزب في قناة فضائية، وعلى الهواء مباشرة، حين أدلى بحديث لا يستند إلى أي منطلقات شرعية: «ندربهم حيثما تقتضي الضرورة، نحن جهزنا جيشاً، وإن شاء الله سنصلي في الحرمين الشريفين، وسنقضي على النظام السعودي الكافر الملحد، وعلى كل الأنظمة التي تحارب الإسلام، وتجهز شعوبها لمحاربة الإسلام، والنبي، وتؤيد إسرائيل وأميركا»، فكانت مع الأسف دعوة إلى الشحن الطائفي، وجر البلاد إلى متاهات مظلمة. وبدل أن يكون مسؤولا أخلاقيا، وتاريخيا بتشكيل الوعي الفكري، لاسيما وأن العراق يمر بمرحلة حرجة في تاريخه السياسي، والاجتماعي، إذا به يعكس حالة الاحتقان الطائفي، من خلال دعوته المسمومة تارة، والموبوءة تارة أخرى.
ما يمثل كارثة في الموضوع، هو أن رد الفعل المقابل، سيتمثل في قيام باقي الجماعات المسلحة في العراق، بالإعلان عن إنشاء تكتلات مضادة. فالخارطة السياسية في العراق، تعاني من خلل في تركيبتها البنيوية، وذلك في كافة جوانبها السياسية، والاقتصادية، والأمنية، وهو ما جعلها تتحول من دولة مؤسسات إلى دولة محاصة طائفية من جهة، وعرقية من جهة أخرى.
لن تفيدنا ثقافة تأجيل المناقشات إلى مرحلة قادمة، فالعقلاء لا يريدون ترسيخ حالات الانتقام، والفوضى، والقتل خارج إطار القانون. وليس من مصلحة المنطقة، أن يعيش العراق دوامة عدم الاستقرار، وهو ما يتطلب أن تتضافر الجهود المخلصة؛ لضرب فيروسي الطائفية، والعرقية، في بلد ضُرب فيه المثل في التعايش، عبر الحقب الزمنية الفائتة.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية