تمدد ساقها المنعكف نحو الهروب دائما، وتدلل يديها عليه بخطوط الزمن القادم وبتجاعيد الماضي القاتم، تنزع الشعرات المتطايرة بقسوة، وكأنها تنتقم منه، صخب لعناتها يرتطم بالجدار المتزامن مع الصمت، عيناها تطارد الوسواس المعلق على سقف الحجرة، ترتعد من فكرة ما، تبحث عن مأزق آخر للخروج، تدور تمتماتها في كهف حلقها الغائر، تسأل وتجيب، رنين يصحبها من رأس الإستفهام لأصابع الإجابة، الحقيبة المبهمة القابعة عند زاوية النافذة، اليوم الرابع من هذه الحالة الإنطوائية، الملابس البالية المكتظة برائحة العرق المتزاحم على جسدها المتشبث بالقعود، صور الطائرات وحجوزات السفر المترامية على أذرع المكان،
تفاصيل الحزن الكاذبة على عينيه، وتلويحة غيابه الأخير كان أكثر أناقة منه، سألته ببرود مصطنع: متى العودة؟
زم شفتيه حتى يخفي سوء نواياه، استل باطن يديها وقبلها على عجالة، خوى المكان منه، في طريق عودتها تشكلت آثاره سحاب، أصغت جيدًا ليديها، هناك رعد وأعاصير! طائر البوم حط على كتفها الأيمن، صاحبها نحو المنزل ولاذ، في اليوم الرابع أخرج رأسه من تلك الحقيبة، هي أعادت ساقها لبداية الوقت، نفضت بوادر الأمل من كفيها وصاحت: أهازيج الموت قبيحة جثتي والانتظار، رحلة مغادرة دون إياب.