ليس من صالح اتحاد الكرة ولا مستقبل الكرة أن يؤجل النظر في بعض القضايا أو تمييعها، أو فتح أبواب مغلقة يصعب سدها في قادم الأيام، خاصة وأن القرار إذا صدر اليوم أصبح تشريعا يستمد منه في الغد، وأصبح من حق أي طرف أن يعامل بالمثل، ولن يستطيع الاتحاد أن يرفض، لأنه باختصار سواء كان جهة تشريعية أو تنفيذية فلا يمكن أن يكيل بمكيالين إطلاقاً.

وليس من صالح اتحاد الكرة ولا مستقبل الكرة أن يتأخر الاتحاد في تشكيل لجانه العاملة حتى وإن كان انتخاب رئيسه وأعضاءه قد تم في منتصف الموسم، ففي كل بلاد العالم تتم الانتخابات وتتشكل الوزارات واللجان دون أن تتوقف العجلة عن الدوران، ودون أن يؤثر التغيير عليها لأن العمل يتم بشكل مؤسسي لا علاقة له بالأفراد، إلا إذا كان اتحاد الكرة الحالي يرى غير ذلك فتلك حكاية أخرى من الصعب الدخول في دهاليزها.

لقد كان حريا باتحاد الكرة فور تشكيله أن يعمد إلى تنصيب أمين عام، وأن يعيد تشكيل اللجان، وأن يبدأ بالعمل الفعلي دون النظر إلى ما سبق، ودون الاعتماد على التشكيلات السابقة إلا في حدود ضيقة، كما كان حريا بالاتحاد أن لا يدخل في جدليات عقيمة لا مع الأندية ولا مع الإعلام ولا مع أي طرف في الشارع الرياضي، لأن لكل طرف تأثيره بغض النظر عن حجم هذا التأثير.

خلال الأيام الماضية كثر الحديث حول ثلاث قضايا:

- الأولى: الحكم الذي أدار نهائي كأس ولي العهد، حيث بدا أن هناك توجها لتكليف حكم محلي للمواجهة الصعبة، فهب الشارع الرياضي بكل أطيافه، وفتح ملفات قديمة، وتحدث عن أخطاء تحكيمية سابقة ومؤثرة في نهائيات سابقة، واحتج من احتج، ورحب من رحب، ودارت ضجة كبيرة، كان بالإمكان تفاديها لو لم يتم الإشارة إلى إمكانية تكليف حكم محلي، ولو أن الاتحاد مضى على السيرة الأولى بتكليف حكام أجانب لجميع المواجهات النهائية والتنافسية... ولكن!!

- الثانية: بعد مباراة الهلال والنصر الدورية التي كسبها الأخير تحدث سمو رئيس النصر عن خطاب ورد لاتحاد الكرة من لجنة الانضباط بشأن اللاعب حسين عبد الغني، ودار حول الخطاب لغط كبير، حتى وصل الأمر لسمو رئيس النادي الأهلي الذي كشف عبر حسابه في تويتر أنه سوف يقدم شهادته متى ما طلب منه ذلك.

هنا وبغض النظر عن أطراف القضية وعن صاحب الحق فيها، كان المطلوب من اتحاد الكرة كجهة معنية أن يتدخل لكشف خبايا الأمر، وكيف علم النصراويون بخطاب لجنة المنشطات، وأن يصدر بيانا يوضح فيه كل شيء بجلاء، وعن الإجراءات المستقبلية للقضية، أو أن يتم رفع الأمر للجهة الأولمبية السعودية كجهة مرجعية للبت فيه إن لم يكن الاتحاد قادرا على ذلك - وهو الأمر الذي لا أظنه -.

- الثالثة: قضية تسجيل اللاعب اليوناني لمصلحة فريق النصر، التي أثارت صخبا واسعا، ورفع الأمر للفيفا، وبصراحة لم يكن بيان اتحاد الكرة واضحا في القضية، وهل التسجيل يكون في خانة شاغرة، أو بديلاً للاعب مصاب - كما في الحالة النصراوية - وماذا لو طلب أي ناد المعاملة بالمثل مستقبلاً، وماذا أيضاً لو أن نادياً من هنا أو هناك رفع الأمر للفيفا مستفسراً وبان أن إجراءات اتحاد الكرة لم تكن في مكانها، خاصة أن فيفا يشدد دائماً على النزاهة وعدالة المنافسة وتساوي الفرص، ويكفي هنا أن الاتحاد العربي قد رفض قيد اللاعب اليوناني مكان ايوفي، فهل نظام الاتحاد العربي يختلف عن نظام نظيره السعودي..؟؟

كل ما أتمناه في خاتمة هذه الأسطر أن يكون الاتحاد أكثر شفافية، وأن يساعد نفسه للنهوض بالكرة السعودية التي تراجعت كثيرا للوراء، وإن لم يكن الاتحاد الموقر معينا لنفسه فلا ينتظر أن يعينه الآخرون.