|
في مسار الحياة نقرأ ونسمع عن عظماء كان لهم بصمات في التاريخ البشري، البعض خدم الإنسانية باختراعات أنقذت الأرواح وشفت الأمراض، وآخرون جعلوا حياة الإنسان أسهل وأيسر، وهناك من كان وبالاً على البشرية، شنوا الحروب ويتموا الأطفال وأرملوا النساء، ودمروا البيئة، وأضاعوا الثرواث، لكن السواد الأعظم من البشرية هم الذين يمشون على الأرض هوناً يؤدون واجباتهم بصمت ودون منة راضين بما قدر لهم مشاركين في بناء أوطانهم، أمثال هؤلاء نلقاهم في وزاراتنا وهيئاتنا ومؤسساتنا، هم من يخدم بصمت واقتدار وييسر للمديرين والمحافظين والوزراء والقيادات إنجاز أعمالهم، ولكنهم لا يذكرون بالقدر الذي يستحقون، هم الجنود المجهولون حولنا، وأحد من هؤلاء الجنود المجهولين الطيبين الذين زاملتهم وعرفت فيهم سجايا الخير والطيبة والإخلاص، محمد بن خالد السبيعي، زاملته لمدة أربع سنوات في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، كان خلالها نعم الزميل ومن خيرة العاملين في تأدية واجبه الوظيفي وتعامله مع زملائه.
محمد السبيعي لم يكن من الأسماء اللامعة والمعروفة خارج هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، لكن كثيراً من قرارات الهيئة وتوجيهاتها للشركات كانت تخرج من تحت يده لم يكن مديراً ولا نائباً للمحافظ، كان زميلاً في مكتب محافظ الهيئة رجل مثالي بمعنى الكلمة، كان إنسان ذو خلق وأدب، منتج وأمين في عمله مجتهد في تطوير نفسه، لم أذكر طيلة أربع سنوات أن شكا من كثرة الأعمال الموكلة إليه أو طالب بزيادة في الراتب أو شكا زميلاً له، عفيف اللسان خفيض الصوت بعيد عن التكلف والرياء، كان إمامنا في صلاة الظهر والجميع يرتاح لإمامته. بالأمس ودعنا هذا الإنسان الطيب في حادث أليم تصحبه زوجته وابنه، ودعنا إلى رب كريم اختاره إلى جنة الخلد إن شاء الله، ذهب محمد السبيعي ولم يكن وحيداً بل رافقه أعز الناس لديه، زوجته وابنه، بالرغم من انقطاع أخباره عني منذ غادرت الهيئة من قرابة السنتين، ما زالت في ذاكرتي له أجمل الذكرى واخلصها لوفائه وإخلاصة وأمانته وتفانية في القيام بعمله وخدمة وطنه، ندعو الله له ولزوجته وابنه بالرحمة والمغفرة والرضوان -إن شاء الله- وندعو الله لذويه بالصبر والاحتساب.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.