لم أرغب بالتصديق، عندما طالعت نشرة أمريكية، وضعت عدداً من الأسماء، ضمن قوائم أصحاب الشهادات المزوَّرة في بلادي، والنتيجة الصاعقة ليست في الشهادة نفسها، وإنما في المواقع التي يديرونها، إحداهن وبحسب النشرة الأمريكية من جنسية عربية، اتضح بأنها تعمل مسؤولة كبيرة عن استقدام الممرضات، وليس الخدم، وكيف سيكون عليه استقدام الممرضات من مسؤولة شهادتها مضروبة، ونحن نعيش مأساة إنسانية اسمها (رهام) هذه الأيام.
البعض ممن يضعون حرف الدال، اشتهروا بعيداً عن طبيعة شهاداتهم، رغبة منهم بالابتعاد وعدم الانكشاف، لكن المصيبة الكبرى أن يكون هؤلاء على رأس أعمال وفي مهام حساسة، اقتصادية أو مالية أو علمية أو صحية، أو لها علاقة بأمن المجتمع، وبعضهم وعندما بدأ الإعلام في نشر الغسيل، بادر وسحب حرف الدال، فيما ما زال البعض ممعناً في الخطأ.
الكلفة الاقتصادية والاعتبارية لأصحاب الشهادات المزورة عالية جداً، وتؤثر في اقتصادنا، فصاحب الشهادة المضروبة يدفع مبلغاً قد لا يزيد على (25 ألف ريال) للماجستير و(50 ألف ريال) للدكتوراه، بينما يدفع (الشباب السعودي) في بلاد الاغتراب، أو في بلادنا سنين من أعمارهم للحصول على الشهادة، لكن يتجاوزهم صاحب الشهادة المزورة في المكانة، وقد يصبح مسؤولاً عنهم أيضاً.
ما دعاني للحديث عن هذا الموضوع، الكشف عن أكثر من (ستة عشر ألف شهادة مزوّرة) وأختاماً رسمية لها تزيد عن (32 ختماً) من خلال، دكاكين تعطي شهادات عليا مزورة، يديرها شخصٌ من جنسية عربية، ويعمل في جامعة أهلية، ويحمل شهادة دكتوراه مزورة، وقد تم ضبطه مع ابنته التي تساعده على إعداد وتجهيز الشهادات المزورة.
وفي الوقت الذي سارع البعض إلى حذف أسماء الجامعات من سيرهم الذاتية، وذلك نتيجة ورود قائمة بالأسماء التي يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي (توتر)، والتي تضمنت مسؤولين في القطاعين الحكومي والخاص، يتربعون على مناصب عليا، إضافة إلى عدد من الدعاة، والمستشارين ما وضعهم في مواقف محرجة أمام الرأي العام.
مجلس الشورى أكد مكافحة الشهادات المزورة، بنظام صارم لمن يستغل هذه الشهادات للعمل بها في القطاعين الحكومي والخاص، وقبله قيل لنا إن جهات رسمية استعانت بشركة ألمانية مشهورة بمكافحة شهادات التزوير، فنحن في زمن فسدت فيه القيم، وكثر الشر وقلّ الدالون على الخير، ولا توجد عقوبات رادعة، فالمخالفون لأنظمة الإقامة في تزايد، وما داموا يعرفون مسبقاً أن عقوبات التزوير لا تتجاوز السجن لعدة سنوات، فإن المغامرة ستستمر، ولن يخافوا من السجن أمام مغريات الكسب السريع.
المشكلة الحقيقية، بل الكارثة التي تواجهنا وتواجه العالم الثالث هي الشهادات المزورة، وما تفشي الأخطاء الطبية مؤخراً إلا دليل قاطع على وجودها، فتوعية المجتمع للحد من هذه الظاهرة، سيمثل نقلة نوعية تساهم في محاربة انتشارها، وتدخل هيئة مكافحة الفساد في كشفها، وحامليها والذين يتسلمون مراتب عليا مطلوب.
الحصول على الشيء دون استحقاق، أمر من أمور الفساد، فحان الوقت للخلاص من جميع أنواع الفساد، ابتداءً بالشهادات المزورة التي حصل عليها أصحابها بالغش والتدليس، ويفترض ملاحقتهم والتشهير بهم عبر وسائل الإعلام، ليكون في ذلك عبرة لغيرهم، خصوصاً الموظفين الذين خانوا أماناتهم وتولوا مناصب عليا ليسوا جديرين بها، وينبغي العمل على الحد منها، ومن انتشارها في المجتمع بسنّ الأنظمة والقوانين، ورفع مستوى الوعي لدى المنتمين لقطاع التعليم، وتدخل الجهات المعنية وخصوصاً وزارة التعليم العالي.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية