تنتظر الرياض وبفارغ الصبر انتهاء مشاريع الطرق الجديدة، وذلك بعد أن تحولت الرياض لخلية ليست للنحل وكنايتها عن الحركة، وإنما خلية من السيارات المتوقفة بفعل الزحام. الذي أثر على أعصاب الناس ووقتهم.
ولك أن تتخيل مسافات لا تتجاوز الربع ساعة في أزحم مدن العالم، تحتاج لساعة وأكثر في الرياض، ولم تعد في أوقات الذروة فقط هذه ليست مبالغة، فساكن الرياض يعرف أن مجرد تذكر رحلته بين طرق الملك فهد وخريص أو الدائري ستصيبه بانهيار عصبي، هذا عدا مخرج 9 بعد أن صار أحد الشرايين الحيوية للرياض، صار مركزاً للحركة المشلولة، مما يصيب العابر من خلاله بنوبة عصبية، أما سكان المنطقة فلا أشك بإصابتهم بأمراض نفسية، خصوصا وأن الحفريات قد دخلت إلى أصغر الشوارع منذ عام ولم تتوقف إلى اليوم!
المشكلة الأعظم أننا (لا) و (لن) و (لم) نتعلم من أخطاء الماضي، فطريق الملك فهد مثلا خُطط على أساس قصير المدى ولحق به الدائري فتجد توقف السير بين مخارج طرق الخدمة والسريع بسبب سوء التخطيط وقلة المسارات، وإذا قلنا أن التخطيط سابقا كان سيئا إن لم يكن تنفيذا لمشاريع بلا تخطيط أو تقدير للنمو السكاني المستقبلي، فلماذا يتكرر هذا في الطرق الجديدة التي تضاءلت مساراتها بدلا من أن تزيد؟
وكذلك في المترو الذي يعتبر رمزا لتطور أي بلد، لم أشاهد بنية حقيقية وشروعا جذريًا في بناء شبكة مترو واسعة قابلة للتنفيذ على المدى القصير، ويخيل لك حين تراها أنها محض أحلام. فهل يعقل أن بلدا كبلدنا حتى الآن ليس لديه سوى سكة قطار مهلهلة تربط الرياض بالشرقية، مقارنة ببلدان فقيرة كالمغرب الشقيق الذي يملك شبكة قطارات حديثة، وعلى الأقل بعد دعم السعودية لتلك الشبكة لبنائها فلا أقل من أن يمتلك مسؤولي سككنا الحديدية خبرة في التعلم من التخطيط المغربي!
وإن قلنا أن القطار يحتاج (شيل وحط) فأين على الأقل شبكة النقل العام من الباصات؟ وفي هذا السياق كنت أتحدث لابنتي قبل أيام عن باصات النقل الجماعي والتي كان فيها قسم خلفي مخصص للنساء، أتذكر كنت طفلة وكانت أمنيتي أن أركب ذلك الباص، وتلاشت تلك الباصات ولم يتبقَ سوى خط البلدة، الذي للأسف لازلنا معتزين به وهو الذي شوّه جماليات مدننا، ونسمع منذ سنوات عن تطوير خط البلدة ومنح أصحابها باصات جديدة، ولم نرَ شيئا!
لازلنا ننتظر ونتمنى أن لا يطول انتظارنا، خاصة مع إقرار مخصصات تتجاوز الربع تريليون للنقل العام هذه السنة، وحتى ذلك الحين سأقدم مقترحات لتقضيه الوقت في وسط الازدحام، وحتى تخف العصبية المنفجرة بجنون جراء ذلك، ولكم بعض المقترحات:
* ضع مكتبة في سيارتك، وإذا لم تكن من هواة القراءة، ركب ستالايت فوق سيارتك وتابع قناتك المفضلة، والطبق الفضائي أرخص من رسوم الإنترنت التي تفرضها شركات الاتصالات!
* ضع عند قدميك “طشت” ملئ بالماء الساخن والملح فوقت انتظارك يسمح بذلك، كما أنه مهدئ للأعصاب.
*وسادة وثيرة وقت خروجك من الدوام أو حتى في ذهابك صباحًا ستحل أزمة قلة النوم وتمنحك راحتك في السهر.
* تستطيع أيها السائق أن تكوّن صداقات جديدة مع السائق الذي بجوارك فوقت انتظاركما متجاورين يتجاوز ما ستقضيه مع أصدقائك الحقيقيين.
* لا مانع من التخطيط للمستقبل في هذا الوقت، وحمل دفتر وقلم لترتيب مصروفاتك الشهرية.
وعموما إذا شاهدت نشاطا مكثفا لشخص ما في “تويتر” فأعلم أنه عالق في ازدحام. وأرجو من القراء الكرام معاونتنا في إيجاد حلول أخرى لتمضية الوقت وسط الزحام، وليس حلولا للزحام!
www.salmogren.net