من منا لم يمر به هذا السؤال: «ماذا كان شعورك وأنت.......؟ « مع تعدد المواقف المشار إليها؟
في الغالب يأتي سؤالاً يتعلق بالشخص الذي يوجه إليه بصورة شخصية خاصة به ترتبط بانفعاله بموقف عام، وعادة المشاعر فردية وخاصة بالأفراد.. ولكن في حالات نادرة يأتي سؤالاً خارج المعتاد يتعدى الشخص ذاته إلى ما هو أشمل.
كمتخصصة تعودت أن تأتيني الأسئلة تتعلّق بمعلومة علمية أجد إجاباتها خارج العاطفة الشخصية. أما خلال الأسبوع الفائت, فلم يفاجئني أن مشاعري الشخصية هي مدخل التساؤلات والمحور في حوارات من تواصلوا معي شخصياً أو إعلامياً.
وأستعيد معكم بعض ما مر في ذهني من تفاعل بتفاصيل السؤال عن تلك الساعة.
«ماذا كان شعورك وأنت تؤدين القسم أمام الملك؟»
ربما سمعت هذا السؤال المباشر عشرات المرات خلال الأيام القلائل الفائتة منذ مثلت وزميلاتي وزملائي الأعضاء الـ150 أمام خادم الحرمين في افتتاح الدورة السادسة للمجلس. ولا شك أن كل منهم ومنهن تلقى السؤال مثلي من الأهل والأصدقاء الأقربين والمعارف الأبعدين والإعلاميين من داخل الوطن وخارجه.
ولا أستغرب إعلانهم رغبتهم أن يعرفوا!
سؤال وجيه في هذه المناسبة المتفرّدة في تاريخ الوطن والمواطنات بالذات.
هي المرة الأولى التي يكتمل فيها المجلس بعضوية النساء.. وقد مرت خمس دورات سابقة اقتصرت فيها العضوية على الرجال!
هل يختلف شعور عضو عن آخر؟ هل يختلف شعور عضو سابق مثقل بتجربته السابقة عن عضو مستجد ما زال بلا تجربة فعلية؟
فهل يختلف شعور النساء عن الرجال؟ شعور إحداهن عن الأخرى؟
بلا شك! فالانفعالات دائماً فردية..
وبلا شك أيضاً هناك مشترك عام في هذا الموقف المهيب!
ولكن الإجابة لا تختزل في وصف واحد يختصرها في شعور آني.
كيف ترسم شعورك بأنك في موقف لن يتكرر في الزمن؟ زمنك الخاص وزمن المجلس وزمن الوطن!
موقف تتعانق فيه الإحساسات والانفعالات والمشاعر والأفكار.
هل تركز على شعورك بمهابة الموقف وأهميته لا كحدث في الحاضر، بل كما تراه يمتد في المستقبل؟ هل تركز على احتدامك شخصياً بشعور المسؤولية التي تحملها الآن على كتفيك؟ على امتنانك أنك جزء من هذه القفزة المستقبلية؟ وأنك مسؤول عن استمراريتها من خطوة أولى إلى مسيرة مستدامة؟
بالنسبة لي كان تركيزي على صانع اللحظة المتفرّدة والقرار القيادي معلناً الانطلاقة إلى مرحلة جديدة في مسيرة الوطن: الرجل الذي اتخذ قرار عضوية المرأة في مجلس الشورى وفتح الباب لحركة الزمن والمكان: خادم الحرمين الشريفين.
حفزتني كلمته المكثفة العمق أتبصر بتعليماته الناضجة الحكمة: «بكم تبدأ دورة جديدة, إستراتيجيتها مختلفة؛ سنعمل تدريجياً وبهدوء وبدون عجلة لا تنتج إلا صخباً ثم لا نرى لها مردوداً.»
بين ارتباطي روحياً باللغة وتخصصي مهنياً في التخطيط أتوقف مبهورة باختيار الإستراتيجية والمفردات!: أي رمز عميق في هذه الكلمة «العجلة» العجلة التي تدور منتجة طاقة ثم لا مردود لها؟ أم العجلة السرعة التي إن لم نحسب احتمالاتها بدقة فقد تتسبب في تراجع بدلاً من التقدم المدروس النتائج؟
وتومض في ذهني إشارة إلى العجلة التي نستوردها ونركبها دون أن نلتزم بقوانين التحكم فيها أو إشارات التحكم في مسارها العام؟ تلك التي تحمل التهور حين تأتي بلا انضباط ولا حساب لمطبات الطريق؟
بين الوعي الذي يذكرنا بالعقلانية والتدرج والعمل في هدوء, أراني أقفز معه لأفكر في إستراتيجيات للتطور المطلوب؛ قوانين كثيرة علينا تفعيلها في وعي وفعل المواطن والمسؤول ليسود الهدوء والانضباط شوارعنا ومنازلنا ومؤسساتنا وعلاقاتنا وممارساتنا العامة والخاصة.