تقع مقرات عدة جمعيات خيرية متنوعة على طرق رئيسية في المدن الكبرى مثل الطريق الدائري الشرقي والطريق الشمالي وشارع التخصصي في الرياض، وتنصب لوحاتها الضخمة على واجهات المباني، وهو أمر يدعو للدهشة والعجب! حيث المعروف أن إيجارات المباني المطلّة على تلك الطرق والشوارع الرئيسية عالية جدا نظرا لموقعها التجاري الاستراتيجي، فما بالك باستئجار اللوحات الكبيرة جدا من البلديات!
وقد تم حصر بعض تلك الجمعيات والمراكز الخيرية والهيئات في الطريق الدائري الشرقي فقط حيث ظهرت عدة جهات مثل: هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، الهيئة العالمية للتعريف بالإسلام، المكتب التعاوني لتوعية الجاليات، جمعية البر الخيرية، جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي (واعي)، جمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري، جمعية الأسر المنتجة، جمعية إنسان، الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية بالخارج (أواصر) وكذلك جمعية مكافحة التدخين (نقاء). وبالمناسبة هذه الجمعية الخيرية - على سبيل المثال - جمعية تأسست بهدف التوعية بأضرار التدخين وطرق الإقلاع عنه، وهي خطوة حضارية لا شك فيها، ولكنها تبقى جمعية خيرية تعتمد في تنفيذ برامجها على الهبات والتبرعات والصدقات، فلِمَ تختار الإدارة مقرها في مكان يعد إيجاره من الأغلى في مدينة الرياض؟! ألا يمكن أن يكون موقعها في أحد الأحياء المتوسطة أو الفقيرة أو التي ينتشر التدخين بين سكانها ليتم الوصول لهم ولها بسهولة ؟ فضلا عن أن الإيجارات في تلك الأحياء رخيصة بحيث يستثمر الفائض من التبرعات في تنفيذ برامج أخرى أو إثراء البرامج القائمة!
ولو تم إعادة النظر في وضع تلك الجمعيات وتغيير مسمياتها ومواقعها بحيث تتحول إلى مراكز أحياء تنموية يكون هدفها اجتماعيا توعويا، وتكون رسالتها إنسانية بأسلوب حضاري مثل مشاركة سكان الحي همومهم، والاطلاع على المشاكل التي يواجهونها وإيجاد الحلول المناسبة من خلال تضافر الجهود الذاتية والتوعية الصحية بمساعدة مستشارين من وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة، فضلا عن تفعيل الأنشطة والبرامج التثقيفية التي من خلالها يمكن الكشف عن الأسر المحتاجة ودعمها، كذلك التعرف على الأيتام واحتواء مطالبهم ومساندتهم، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وفتح أبواب المساهمة لجمعية تعاونية بهدف إنشاء أسواق تجارية وإدارتها لإيجاد فرص وظيفية للشباب والشابات والسيدات والمتقاعدين، وتشجيعهم على الأعمال التطوعية، وتنظيم التبرعات.
ومن خلال تجميع شتات المتطلبات والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية يمكن ضبط المصروفات تحت إدارة واحدة وأهداف متعددة، حيث يلاحظ تقاعس الجمعيات الخيرية عن دورها بسبب بعدها عن سكن المحتاجين، وتشظي جهودها وتعدد إداراتها.
ولا شك أن مراكز الأحياء تعد من المظاهر الاجتماعية الحضارية التي يمكن من خلالها الارتقاء بأسلوب العمل الخيري تحت مظلة حكومية وأهلية.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny