|
يعود الوجود الحضري في دولة الكويت إلى أكثر من أربعة آلاف سنة وفقاً للاكتشافات الأثرية التي توافرت في المنطقة. وعلى مدى قرون كانت هذه المنطقة معروفة باسم (كاظمة)، وكان ميناؤها الذي يحمل الاسم نفسه يقع في الجزء الشمالي الغربي من جون الكويت. وقد كانت كاظمة محطة للقوافل القادمة من بلاد فارس وما بين النهرين في طريقها إلى شرقي الجزيرة العربية ووسطها، كما ظلت لمدة طويلة الرابط التجاري بين دول المحيط الهندي وبلاد الشام وأوروبا، ما جعلها مركزاً تجارياً وواحدة من أطول طرق التجارة في العالم القديم وأكثرها أهمية.
وفي بداية القرن السابع عشر توافدت مجموعة من الأسر والقبائل ومنهم آل الصباح وأبناء عمومتهم آل خليفة وكذلك الجلاهمة إلى هذه المنطقة قادمة من نجد، حيث أدركوا ببصيرتهم الثاقبة أهمية هذا الموقع ومميزاته المكانية، فبدؤوا بإحياء هذا المكان بعد أن قلت أهمية كاظمة. وأصبح المركز الحضري عند الساحل الجنوبي للجون، حيث أنشأوا مدينة الكويت في عام 1613م.
وقد أطلق على هذه المجموعات المهاجرة وهي من قبائل مختلفة اسم العتوب، وأشار البعض إليهم باسم بني عتبة أو العتوبيين، ولكن الأرجح الذي تشير إليه أغلب المصادر أن لفظة العتوب مشتقة من الفعل الثلاثي عتب بمعنى انتقل وارتحل وغير مكانه. وتشير الوثائق والدلالات التاريخية إلى أن بداية نزول العتوب إلى الكويت كان في بداية العقد الثاني من القرن السابع عشر. ويؤيد ذلك ما ذكره الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت في رسالته المؤرخة في 11 مارس 1913 إلى المعتمد البريطاني في أبو شهر التي ينص فيها على أن: «الكويت أرض قفراء نزلها جدنا صباح عام 1022 هجرية أي 1612ميلادية..».
وبعد أن تواصل استقرار المجتمع الكويتي، وانطلقت نشاطاته في البر والبحر، بدت الحاجة ملحة إلى قيادة يرجع إليها الناس في أمورهم، وتمتلك الشرعية والقدرة على تأمين حماية مجتمعهم ومصالحهم وتمثيلهم لدى المجتمعات التي تحيط بهم، فعهدوا بالرئاسة إلى رجل فيهم من آل صباح رأوه متميزاً بالخير وأقربهم إلى الحق، وغدا الحكم في هذه الأسرة يتوارثه الأرشد الأكبر منهم إلى هذا اليوم.
وينتمي آل الصباح حكام الكويت إلى قبيلة عنزة العربية وترجع أصولها إلى الهدار بمنطقة الأفلاج من إقليم نجد. وهي من أكبر قبائل العرب وأشهرها، وتنقسم عنزة إلى أفخاذ عديدة منها جَميِلَة التي تنقسم إلى فروع منها آل الصباح. ومع الأسف الشديد لم تقدم لنا المصادر التاريخية التي ذكرت أن الكويت قد تأسست عام 1613م شيئاً عن حكامها الذين حكموها قبل عام 1718م. وذلك التاريخ الذي تم فيه توثيق أسماء حكام الكويت وأعمالهم، بدءاً من الشيخ صباح بن جابر المسمى في المصادر الحديثة (صباح الأول) وربما تكشف الأيام وثائق جديدة تبين جانباً عن تلك المرحلة التاريخية وعليه فسيبدأ الحديث عن حكام الكويت بدءاً من الأمير صباح بن جابر.
الحاكم الأول: الأمير صباح الأول 1718م - 1762م
تم اختيار المغفور له الأمير الشيخ صباح الأول من قبل الكويتيين لحل المشكلات وفض الخلافات والنظر في أمور البلد وغيرها من الأمور، حيث عرف عنه الحكمة ورجاحة العقل، وهناك من يقول إن سبب اختيارهم له أن لوالده -رحمه الله- زعامة عندما كانوا في نجد قبل قدومهم ولكن المعلومات عن حكم الشيخ صباح الأول قليلة وغير دقيقة.
الحاكم الثاني: الأمير عبدالله بن صباح 1762م - 1813م
تولى الحكم بعد وفاة أبيه الشيخ صباح بن جابر رحمهما الله، ومن أشهر الأحداث في عهده:
معركة الرقة.
هجرة آل خليفة وآل الجلاهمة من الكويت.
انتقال شركة الهند الشرقية إلى الكويت من البصرة.
بناء سور الكويت «الأول» عام 1797م.
الحاكم الثالث: الأمير جابر بن عبدالله 1813م - 1859م
كان الأمير الشيخ جابر عاقلاً حليماً كريماً يضرب بكرمه المثل، وقد سمي (جابر العيش) لكثرة ما يتصدق به على الفقراء والمساكين، والعيش في لسان الكويتيين يطلق على (الأرز).
ومن الأحداث المهمة في عهده:
مساعدته للدولة العثمانية في فك الحصار عن البصرة من قبل القبائل العراقية.
رفضه رفع العلم البريطاني في الكويت وذلك بحكم علاقته القوية بالدولة العثمانية.
الحاكم الرابع: الأمير صباح بن جابر 1859م - 1866م
تولى الحكم بعد وفاة أبيه سنة 1276هـ - 1866م، عرف عنه أنه كان أميراً يدير الحكم بروح الأب تجاه أبنائه.. ومن أهم الأحداث في عهده زيارة المقيم البريطاني في بوشهر العقيد لويس بيلي المقيم السياسي للكويت.
الحاكم الخامس: الأمير عبدالله بن صباح 1866م - 1892م
عرف عنه الشجاعة النادرة في ساحات الحروب، وتظهر السجلات البريطانية الرسمية أن الكويت كانت تحتفظ آنذاك بأسطول تجاري وحربي الأمر الذي يدل على ازدهار التجارة الكويتية في تلك الحقبة من الزمن.
الحاكم السادس: الأمير محمد بن صباح 1892م - 1896م
تولى الحكم بعد وفاة أخيه الشيخ عبدالله -رحمهما الله-، وقد نعمت الكويت خلال الثلاثين عاماً التي وليا فيها أمور الحكم بالاستقرار الداخلي، وتحسنت العلاقات التي تربطها بجيرانها العرب.
الحاكم السابع: الأمير مبارك الصباح (مبارك الكبير) 1896م - 1915م
المغفور له الشيخ مبارك الصباح -طيب الله ثراه- هو الكويت بأسرها وهو الذي رفعها على ما سواها من أترابها، وأشاع صيتها في سائر الأقطار، كان من أمراء العرب الأفذاذ في الهمة والإباء وفي العقل والرأي.
من أهم الأحداث في عهده:
اختيار الكويت مقراً للقاء يعقده هاردنج حاكم الهند، إبان الحرب العالمية الأولى لاختبار نوايا الحكام العرب تجاه بريطانيا، وقد حرص الشيخ مبارك على تأكيد استقلال الكويت في هذه الظروف.
اتفاقية 1899م التي أبرزت الكيان المستقل لإمارة الكويت.
تثبيت الحدود الشمالية لإمارة الكويت وإفشال كافة المحاولات لاقتطاع أية أجزاء منها وخاصة جزيرتا وربة وبوبيان من خلال اتفاقية عام 1913م.
الحاكم الثامن: الشيخ جابر المبارك الصباح (جابر الثاني) 1915م - 1917م
ازدهرت إمارة الكويت في عهده بسبب ازدياد أعمال التجارة مع بلاد الشام، وفي عهده عقد في الكويت عام 1917م مؤتمر ضم السير بيرسي كوكس الحاكم العسكري البريطاني في العراق، والملك عبدالعزيز آل سعود، والشيخ خزعل خان، والشيخ جابر بن مبارك و ذلك لتوحيد كلمة العرب ضد العثمانيين.
الحاكم التاسع: الشيخ سالم المبارك الصباح 1917م - 1921م
تولى الحكم بعد وفاة أخيه الشيخ جابر -رحمهما الله-، يعرف عنه بأنه كان حليماً شغوفاً بمطالعة الكتب الأدبية وله شجاعة نادرة المثال. كانت باكورة أعماله خفض الرسوم الجمركية، وإسقاط الجمارك عن البضائع الخارجة من الكويت فازدهرت التجارة في عهده، كما مدت أسلاك البرق إلى الكويت فأصبحت على اتصال بالعالم الخارجي.
الحاكم العاشر: الشيخ أحمد الجابر الصباح 1921م - 1950م
تولى الحكم بعد وفاة عمه الشيخ سالم المبارك -رحمهما الله-، وقد كان عمره 35 عاماً في فترة عصيبة من تاريخ الكويت، سعى أثناءها إلى تأمين الحدود الكويتية وتوثيقها والمحافظة عليها، من أهم الأحداث في عهده:
تأسيس المدرسة الأحمدية والمكتبة الأهلية والنادي الأدبي.
وافقت الكويت على منح امتياز لشركة بريطانية في الأرض المحايدة بين الكويت ونجد للتنقيب عن النفط.
تم تأسيس المجلس التشريعي عام 1938م وصدر قانون يحدد صلاحياته وقد جاء في مقدمته أن الشعب ممثلاً في أعضائه المنتخبين هو مصدر السلطة.
هذا وقد استثمر المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح -رحمه الله- ثروة النفط في بناء نهضة البلاد فأسس مدينة الأحمدي، وتزايد الاهتمام بتحلية المياه، ومحطات توليد الكهرباء.
الحاكم الحادي عشر: الشيخ عبدالله السالم الصباح 1950م - 1965م
تولى المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح -طيب الله ثراه- الحكم عام 1950م، وفي عهده تم إعلان استقلال دولة الكويت في يونيو 1961م، كما انضمت دولة الكويت لأول مرة إلى الجامعة العربية في 16 يوليو عام 1961م، وأصبحت عضواً عاملاً في أسرة البلدان العربية، كما أصبحت في 14 مايو عام 1963م عضواً في هيئة الأمم المتحدة.
وفي عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح بدأت دولة الكويت عصر النهضة والعمران، ففي مجال التعليم انتشر التعليم المجاني، وزودت المدارس بأحدث الأجهزة والمعامل والأدوات المدرسية، وأنشئت المعاهد الخاصة للمعاقين. أما في مجال الصحة فقد تم تأمين العلاج للمواطنين والمقيمين مجاناً، وبنيت المستوصفات والمستشفيات. ولا ننسى دور سموه -رحمه الله- الهام في مجال العمل السياسي الشعبي، ففي عهده رحمه الله تم تأسيس وكتابة الدستور الكويتي عام 1962م، وأجريت الانتخابات لاختيار أول مجلس أمة كويتي في يناير عام 1963م، كما شكلت في عهده أول وزارة في تاريخ الكويت بعد الاستقلال، فكان بحق «أبو الاستقلال» كما أطلق عليه الكويتيون آنذاك. وعلى مستوى السياسة الخارجية للبلاد، فقد تم مد يد التعاون إلى الشقيقات العربيات والقيام بدور فعال على المستوى الدولي وتقوية العلاقات على المستوى السياسي والتجاري والثقافي.
الحاكم الثاني عشر: الشيخ صباح السالم الصباح 1965م - 1977م
بعد وفاة المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح -طيب الله ثراه- تولى حكم دولة الكويت الوالد الراحل الشيخ صباح السالم الصباح -رحمه الله-. كان مثال الأب والحاكم، وقد شهدت البلاد في عهده ازدهاراً وتقدماً في كافة الميادين واتسع العمران في جميع الأرجاء، فقد تأسست في عهده جامعة الكويت، وقد حرص رحمه الله على المشاركة شخصياً في الاحتفالات السنوية لتوزيع الجوائز والشهادات على الخريجين، وافتتحت عدة مستشفيات، وشهدت البلاد العديد من القفزات الحضارية التي كانت مثار إعجاب ودهشة الجميع.
الحاكم الثالث عشر: الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح 1977م - 2006م
هو الابن الثالث للمغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح الحاكم العاشر -طيب الله ثراهما-، ولد في الكويت عام 1926م، تلقى علومه في المدرسة الشرقية والمباركية والأحمدية، ثم أكمل تحصيله العلمي على أيدي أساتذة متخصصين في الدين واللغة العربية وأدبها واللغة الإنجليزية ومختلف العلوم الأخرى.
تولى مسؤولية خدمة البلاد عام 1949م حين عين رئيساً للأمن العام ونائباً للأمير في منطقة الأحمدي ومناطق النفط، وفي فبراير عام 1959م تولى رئاسة دائرة المالية التي أصبحت فيما بعد وزارة المالية والاقتصاد في عام 1962 فكان أول وزير للمالية في دولة الكويت، واستمر في ذلك المنصب حتى عام 1965م.
تولى مقاليد الحكم في 31 ديسمبر عام 1977م ليصبح الأمير الثالث عشر من أسرة آل الصباح، وفي ذات العام تمت تسميته بحضرة صاحب السمو أمير البلاد، وقد قاد البلاد مستثمراً خبرته السابقة بالشئون المالية والتدبير المحكم في استثمارات الكويت داخل البلاد وخارجها، فكان بحق مهندس الاقتصاد الكويتي والمؤسس الأول للحركة العمرانية ورافع شعار مجتمع الرفاه الذي يعيشه اليوم كل كويتي. وفي ضوء سياسته الرامية إلى وحدة الصف العربي، ودعم القوى السياسية والاقتصادية بمنطقة الخليج والجزيرة العربية، انعقد مؤتمر القمة الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1981م لتحقيق التكامل السياسي والأمني والاقتصادي بين دول المنطقة.
وفي عهده عقد مؤتمر القمة الإسلامي بدولة الكويت، واختير رئيساً لمنظمة المؤتمر الإسلامي خلال دورة كاملة (الدورة الخامسة) أسهم خلالها بإبراز دور المنطقة على المستوى العالمي.
كان له دور فعال ومؤثر في حشد القوى العالمية والدولية لنصرة الحق الكويتي وإعادة دولة الكويت دولة حرة مستقلة ذات سيادة على أرضها، حين فاجأ النظام العراقي العالم باحتلال دولة الكويت عام 1990م. وبعد التحرير قاد الجهود المكثفة لإعادة إعمارها وإزالة أثار العدوان عليها في فترة قياسية لا تقارن بأي حال مع التقديرات العالمية التي وضعتها وتوقعتها المؤسسات المتخصصة العالمية، واستمر جهده بعد تحرير دولة الكويت في حركة دائبة تستهدف الإعمار والبناء وتنشد الأمن والسلام، وتؤمن بالتعاون الدولي وسيلة لحياة إنسانية كريمة.
الحاكم الرابع عشر: الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح 15 يناير - 29 يناير 2006م
الابن الأكبر للمغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح -رحمهما الله-، ولد عام 1930م، تلقى تعليمه العام في المدرسة المباركية بالكويت، وفي مشارف العشرينيات من عمره عين في دائرة الشرطة عام 1949م، ونظراً لما أظهره من كفاءة تقرر إيفاده إلى إنجلترا عام 1951م حيث التحق بكلية هندون العسكرية أعقبتها دورات متخصصة في شئون الأمن والشرطة في الخارج انتهت عام 1954م. تدرج في مختلف المناصب بجهاز الشرطة والأمن، وفي عام 1959م عين نائباً لرئيس الشرطة والأمن العام حتى عام 1961م. ولم يدخر سموه -رحمه الله- جهداً في أثناء فترة عمله بوزارة الداخلية في تطوير أعمالها ورعاية مصالح المواطنين، ما انعكس على الحالة الأمنية في البلاد، فقد ساد الأمن وتوافرت الطمأنينة الأمر الذي عزز مكانة دولة الكويت كبلد أمن وواحة أمان. كما أمر سموه رحمه الله بإدخال النظم الحديثة في الشرطة والأمن، وأدخل نظام الحاسب الآلي في أعمال الوزارة، وأنشئت في عهده إدارة الأدلة الجنائية والطب الشرعي عام 1961م، وزودت إدارة النجدة بالسيارات الحديثة، وأنشئت غرفة عمليات مركزية، وتم تقوية محطات التشغيل اللاسلكية.شهدت فترة تولي سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء المغفور له الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمه الله رئاسة الحكومة منذ عام 1987م العديد من الإنجازات على الجبهتين الداخلية والخارجية، فعلى الصعيد الخارجي أسهمت الحكومة بجهد كبير في تأسيس مجلس التعاون الخليجي وزيادة فاعليته إقليمياً وعربياً ودولياً، كما إن لجهود سموه أثناء احتلال النظام العراقي لدولة الكويت بصمة واضحة في تاريخ الكويت ونفوس الكويتيين من أهلها، فقد بدأ التحرك المستمر من قبل سموه رحمه الله منذ اللحظة الأولى للعدوان الذي تمثل في إصرار سموه على مغادرة أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح -رحمه الله- إلى المملكة العربية السعودية لأن وصول القوات العراقية إلى أمير البلاد ورمزها يعني انهيار الروح المعنوية لدى أفراد الشعب، لكن وجود سمو الأمير -رحمه الله- خارج البلاد يعني استمرار المقاومة وحرية الحركة لحشد الرأي العام الدولي والإسلامي والعربي حول قضية الكويت وسرعة تحريرها.
تولى مقاليد الحكم بعد وفاة المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح -طيب الله ثراه- في 15 يناير 2006م واستمرت فترة حكمه حتى 29 يناير 2006م.
المصدر: الديوان الأميري بدولة الكويت - amir_rulers