لا يوجد عضو واحد في الجسم، ولا حتى خلية واحدة لا تتضرر من المشروبات الغازية، بدءاً من المخ وصولاً إلى الشعر والأظافر.
تنتشر في المجتمع السعودي أمراض التغذية السيئة على الرغم من توفر جميع البدائل الغذائية الصحية، ورغم الانتفاخ الوزني الظاهر في الناس، الذي هو جزء من الأمراض الغذائية وليس من علامات الصحة وجودة الغذاء.
مساهمة الوجبات السريعة والحلويات والنشويات والزيوت الرديئة والكريمات والمايونيز وقراميش البقالات والأغذية المغشوشة، كل هذه الأشياء معروفة للناس، ولكن التحذيرات منها تشبه النفخ في ملايين القرب المثقوبة، والمواطن الخليجي بالفعل قربة مثقوبة تنفخ فيها من طرفها العلوي فتنسم من طرفها السفلي.
مع ذلك أعتقد أن كل أنواع الغذاء التي ذكرتها أعلاه لا تساهم بأكثر من نصف الآفات والأمراض المرتبطة بثقافة الغذاء، ويبقى النصف الآخر لحساب المشروبات الغازية خصوصاً، والمشروبات الصناعية على العموم.
لدينا في المجتمع السعودي والخليجي انتشار وبائي للأمراض التالية:
البدانة، هشاشة العظام، الوهن العضلي، تشحم الكبد، السكري، تساقط الشعر، فقر الدم، حصوات الكلى، الارتجاع الحمضي من المعدة إلى المريء، التطبل الغازي في الأمعاء واضطرابات الإخراج، وهذه الأمراض مجرد جزء من كل.
ما هو دور المشروبات الغازية في هذه المشاكل الصحية؟
سوق المشروبات الغازية يقدم للمستهلك نوعين: النوع المحتوي على السكر، والنوع المحتوي على بدائل السكر (الدايت). النوع الثاني (الدايت) يستحق لوحده مقالات تحذيرية عديدة، اعتماداً على الأبحاث الكثيرة التي تؤكد أضراره الشديدة على المخ وجهاز المناعة والغدد الصماء والبروستات، وبما يصل إلى الاتهام بالتسبب في الأمراض السرطانية في العديد من أجهزة الجسم البشري. هذه الأبحاث تخنق في مهدها قبل الوصول إلى السلطات الغذائية لتقنينها، والسبب هو التحالفات الاقتصادية والضرائبية وصناعة التسويق وتشغيل العمالة، إلى آخر أذرع الأخطبوطات الاقتصادية.
لننظر إذاً في النوع الأول، أي المشروبات الغازية المحلاة بالسكر الطبيعي. في كل لتر من المشروب الغازي المسوق عالمياًً ما يعادل ستين مكعباًً من السكر أو عشر ملاعق (33 جراماً) من السكر في كل عبوة فردية. بالإضافة إلى هذه الكمية الهائلة من السكر، هناك حامض الفوسفوريك والستريك وبيكربونات الصودا القلوية للتخفيف من الطعم الحمضي عند المستهلك. هذه الخلطة من السكر والماء والأحماض والقلويات تخلط بالمواد الحافظة والمنكهات الصناعية وكميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
من الناحية العلمية تعتبر المشروبات الغازية سعرات حرارية خاوية، أي فارغة من الفوائد الغذائية بالكامل. الأضرار المؤكدة المترتبة على ثقافة المشروبات الغازية وتقديمها كواحدة من لوازم المائدة تنقسم إلى قسمين:
1 - الأضرار المباشرة التي تسببها المكونات في المشروب الغازي على أعضاء الجسم.
2 - أضرار الإحلال أو الاستبعاد، التي تترتب على إزاحة الألبان والعصائر الطبيعية والماء من المائدة بفعل طغيان المشروبات الغازية وشعبيتها الجارفة.
الحديث عن هذه الأضرار بتوسع وبطريقة علمية يحتاج إلى حلقة أخرى، فلنكن على موعد مع ذلك في الحلقة القادمة إن شاء الله.