هل نحن نأنس للخوف أم منقادون له تلقائياً في كل جديد نتعرض له أو يأتي إلينا وفقاً للحكة الشعبية (من خاف سلم) أم أن الإنسان بطبعه يخاف مما يجهله أو لا يعرفه.. ولعلي هنا أتحدث عمَّا يسكننا من الخوف الذي يبرز في كل أمر جديد يحدث لدينا من قرارات ومشاريع وتحولات تطويرية خاصة فيما يتعلّق بأمور المرأة أو الخارج أو بعض التقنيات الحديثة، وأعتقد أن مصدر الخوف في أن تغيّر مثل هذه الأمور مجريات أمورنا ونمط وأسلوب حياتنا. والخوف وسكونه في أنفسنا ليس وليد اليوم أو أنه تمخض عمّا نشاهده من ثورة العصر وسلبياته، بل هو ملازم لنا منذ عقود طويلة تعود إلى الستينيات الميلادية أو حتى قبلها عندما توجس الناس من البرقيات وتعليم المرأة ثم عملها حتى وصلت إلى مجلس الشورى وسعيها لقيادة السيارة ورغم ذلك تلاشى الخوف شيئاً فشيئاً فدخلت البرقيات وتعلّمت المرأة وعملت في الوظيفة ودخلت مجلس الشورى وكأن شيئاً مما أخافنا لم يحدث، إذن المسألة تنحصر في أن سبب خوفنا وتوجسنا هو نتيجة لجهلنا وخوفنا من النتائج المصاحبة لكل جديد يدخل إلى حياتنا وذلك بسبب الشحن المسبق القديم والحديث الذي تشرّبنا به من خلال ثقافة ركّزت على المحاذير الدينية والأخلاقية لكل جديد سيما ما يتعلّق بالمرأة. وكان من المفروض أننا وبعدما خضنا التجربة منذ أكثر من خمسة عقود أن نعرف ونتعامل مع كل جديد بواقعية دونما خوف أو تهويل يأتينا من البعض وأن لا نسمح لكل من يحاول أن يثير أو يحفز التخويف والخوف لدينا بالانجرار خلفه، بل نفعّل عقولنا ولا نلجأ إلى تأويل المقاصد المستقبلية لكل جديد كأن نقول مثلاً تعليم المرأة أو عملها أو دخولها في معترك الحياة هو لجرها للسفور والاختلاط المحرَّم سيما أننا في وطن يلتزم بالدين واحترام المرأة ولا يبيح للمرأة من عمل إلا بموافقة العلماء ولا يكون فيه إهدار لكرامتها. ولنعرف أن ما أهلك الأمم التي قبلنا إلا التنطّع والتزمّت والتشدّد الذي قد يفضي إلى مفاسد خلف الستار وهذا هو الخطر المحدق بالأمة لو تحققت دوافعه.
لذا واجب الإنسان تفعيل فكرة وعقله وأن لا يدخله الخوف بدون سبب أو أن يخاف من كل جديد، فالأمم تحتاج لكل مبتكر جديد سواء في الآلة أو الأنظمة أو العلم كلها لتطوير الإنسان والمكان ومن أخذ يحارب أو يتردد في كل جديد لكونه جديداً فحسب فهو بلا شك سائر في ركب التخلّف: فلنكن تواقين لكل جديد نأخذ محاسنه ونترك مساوئه دون خوف كان يسكننا وقد اختزناه منذ عقود.
- شقراء