دخل بعض الدعاة المفتين في مشروع تكافل اجتماعي مع بعض الكتاب (وأنا هنا لا أعمم). فالمفتي النجم من جهته يجهز الفتوى الفنتازية، والكاتب من جهته يتولى نشر هذه الفتوى والتعليق عليها، بل والتحدث عن المفتي النجم قدحاً أو مدحاً. وكلاهما (الكاتب والمفتي النجم) يكسب إعلامياً. أعتقد أنه مع التوالد الكبير لأعداد المفتين قد لا يجد الإعلام يوماً الوقت والمساحة الكافيين للتعليق على تلك الفتاوى، والغريب أن هذه الفوضى في الفتاوي تحدث رغم أن لدينا مفتياً عاماً، ولدينا هيئة إفتاء مكلفون من قبل ولي الأمر.
السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: متى يتوقف مد الفتاوى الفنتازية؟ ومتى يتوقف الإعلام عن استقبال تلك الفتاوى وإعطائها مساحة واسعة؟ أنا سأجيبكم على هذا السؤال.
يقول محمد زويد -وهو مطرب خليجي قديم- معبراً عن أمنيته في تواجد الجماهير «إذا حصل خيشة مراويس وآكو ناس تسمع»، مشكلتنا اليوم مع الفتاوى الفنتازية أن آكو ناس تسمع لها (بتشديد الميم المفتوحة) وتتبعها. يمكن تهميش دور المفتين النجوم والمتعصبين لفتاويهم، إذا نحن نجحنا في أن نقدم لأبنائنا تعليما يخاطب عقولهم، تعليما يرتقي بقدرتهم على التحليل وعلى ممارسة التفكير المنطقي والنقد الموضوعي لكل ما يعرض عليهم، تعليما يجعلهم قادرين على التمييز بين الحقيقة والخرافة. وحتى نصل إلى هذا المستوى من التعليم سيخلو الجو لكل من يريد اقتناص أبنائنا ليضمهم إلى نعاجه التي تجري خلفه في عماء تام.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود