تعود الطفلة شام (7 سنوات) طالبة الصف الثاني الابتدائي من مدرستها كل يوم وهي حاملة على كفتها الصغير حقيبتها المحشوة بالكتب ويديها الصغيرتين مليئة بالألوان التي عبثت بها في حصة الرسم.. تفتح والدتها حافظة وجبة إفطارها التي حملتها إياها منذ الصباح فتجد محتوياتها على حالها في جيوب الحقيبة، ما يعني أنها عادت من يومها الدراسي وهي لا تزال «صائمة»!.
الطفلة شام هي واحدة من بين الكثير من طلاب وطالبات المدارس في الصفوف الأولى الذين ما أن يدق الجرس ويحين وقت «الفسحة» حتى يهرعون لمقصف المدرسة لشراء الحلوى فقط، وهو ما أحدث تراجع في صحتها جراء سوء التغذية داخل أسوار المدرسة.
إن ملء حقيبة الطالب بالدفاتر ورأسه بالمعلومات غير كافٍ لجعله متفوقاً دراسياً، فهناك أمور أخرى لا نلتفت إليها تجعل مسار أبنائنا إما ناجحين أو راسبين صحياً وبالتالي دراسياً.. يتفق الجميع على أن وجبة الإفطار التي يحصل عليها الطالب الصغير أثناء يومه الدراسي تعد شرطاً أساسياً في نضوج صحته. بل إن هناك دراسات لخبراء تغذية تؤكد أن الطلاب الذين يحصلون على إفطار جيد وفي وقت مبكر يحصلون على درجات أعلى في الاختبارات ويكونون أكثر إبداعاً ونشاطاً من غيرهم.
للأسف هناك مواد غذائية غير صحية تباع في المدارس، وقد تكون متشابهة أو موحدة ويعتبرها الكثير من التلاميذ إفطاراً مناسباً لهم، حيث يقومون بشرائها وتناولها ومعظمها غنية بالدهون والمواد الحافظة والملونة والمنكّهة، جميعها مواد ضارة وخالية من أي قيمة غذائية، وذلك ما نظرنا لتلك الأيدي والعربات المتنقلة أو الكافيتريات غير النظيفة داخل أسوار المدارس.
الحقيقة أنه يجب على وزارة التربية والتعليم أن تتحرك تجاه معالجة هذه المشكلة بالاستثمار الناجح عبر الشراكة مع القطاع الخاص المتخصص في القطاع الغذائي استناداً على الاستفادة من التجارب المطبقة في المدارس العالمية في اختيار نوع الغذاء المناسب لطلاب المدارس، وأن يبدأ مثل هذا المشروع في الصفوف الأولى على أقل تقدير، بحيث يتم تقديم وجبة إفطار صحية منوعة لصغارنا داخل المدرسة تتضمن أنواعاً من الأطعمة المغذية والخاضعة للرقابة من الجهات المعنية في سلامة الأغذية وتطبيق الجودة في هذا المجال. وأكاد أجزم بأن تطبيق هذا المشروع سيقلص إلى حد كبير فاتورة علاج الكثير من الأمراض الناجمة عن الغذاء غير الصحي كالسمنة وغيرها.
لقد أصبح حتماً علينا كمجتمع تغيير سلوك أطفالنا في تناولهم للمواد الغذائية غير الصحية التي تباع لهم داخل مدارسهم، كما هو على الجهة المعنية أن تحاول أن نؤمن لهم وجبات صحية تجذبهم بدرجة الحماس نفسها وهم يتجهون صوب بائع الحلوى في المدرسة من خلال ترغيبهم بتناول أطعمة صحية تقدم لهم بطريقة مبتكرة تستهويهم وتفيدهم صحياً. إن مثل هذا المشروع سيسهم في إحداث نقلة نوعيّة في تعزيز الصحّة العامّة في قطاع التعليم.
a.anazi@al-jazirah.com.sa@alionazi تويتر