تأليف الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين / قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل السيف - بنت الأعشى :
الإرهاب ظاهرة شغلت الباحثين والدارسين والمفكرين فكتبوا فيها الكتب، ودرسوا فيها الدراسات، وقعدوا لها القواعد، وكل يسهر على ليلاه، والباحث الاجتماعي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين كتب في هذه الظاهرة كتاباً أسماه: (نحو إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية) والحقيقة أنها دراسة مكثفة ومركزة وعميقة، وموقفه من هذه الظاهرة الممقوتة هو موقف التنوير من الأكاديميين السعوديين، حيث قرع الحجة بالحجة، وأخذ على عاتقه محاربة الفك الإرهابي المنحرف بدراسة علمية مستفيضة، يزينها التحليل والدراسة والبرهنة، ومن خلالها طرح حلولاً مقترحة لمقاومة هذه الظاهرة والحد فقال: (ليس من مهمات المؤسسات الأمنية وعملها وتخصصها القيام بوظيفة الدراسة والتحليل، أو التخطيط واعداد الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية، مثل ظاهرة (الإرهاب وغيرها.. إن الحرب على الإرهاب ليست حرب دبابة وبندقية، ومدفع، إنما هي في النهاية حرب أفكار وعقول ونفوس، وجاذبيات، فالبندقية لا تجيب عن أهم سؤال لفهم الإرهاب في المجتمع وهو: ما الذي يجعل شاباً ذكياً مكتمل الصحة والعافية مقبلاً على الحياة يقدم نفسه وحياته هكذا رخيصة بهذا الشكل الذي يدمي القلب، ويستفز الخيال، ويتحدى العقل ويحير المنطق ويثير الفضول العلمي؟).
ثم يحدد الهدف من كتابه فيقول: (يسعى هذا الكتاب إلى تقديم قراءة سوسيولوجية بانورامية للمشهد الداخلي في مجال جهود مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية وصولاً إلى أطر عريضة لإستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب) والكتاب فاخر الطبع، سندسي الحرف، جميل بنشره ويقع في (142) ورقة من القطع الكبير، ومن خلاله تنتظم المباحث التالية:
أولاً: المواجهات التساؤلات.. الاستنتاجات.
ثانياً: جاذبية الإرهاب في المجتمع.
ثالثاً: الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب المبادئ والمحددات.
رابعا: الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب المحاور ويرى المؤلف أنه حتى وقتنا الراهن لم تظهر استراتيجية وطنية معلنة وواضحة لمكافحة الإرهاب، تتسم بالشمولية والتماسك، وتقودنا إلى اجتثاث الإرهاب من جذوره الحقيقية، وحتى نتمكن من هذه الدراسات لا بد من التأمل والقيام بمسارين مزدوجين وهما:
الأول: تجديد الخطاب الديني ذاته وإصلاح المؤسسات المتأثرة به، القضاء، هيئة الأمر بالمعروف، الدعوة، الإفتاء، التعليم، الإعلام.
الثاني: يقوم على إحداث جملة من الإصلاحات والإجراءات الداخلية اجتماعياً - سياسياً - ثقافياً - اقتصادياً - تنموياً.
وعن أهم سؤال لابد أن تجيب عليه الاستراتيجية المقننة هو: كيف أن شاباً ذكياً بصحة وعافية وخير بريء منتظم في دراسته، آمناً في سربه، معافى في بدنه، لديه قوت يومه، ترخص له الحياة فجأة ويترك أهله ومجتمعه وربما وطنه ويقدم على ما يقدم عليه؟
وتطرق الاستراتيجية الوطنية - التي تقع أمام ناظريك قراءتها.
عزيزي القارئ تطرق تعريف وماهية الإرهابي فنقول:
(الإرهابي الذي يسعى في الأرض من أجل القيام بعملية انتحارية - لا يولد في يوم وليلة ولكن يمر عبر فترة زمنية من التنشئة، والشحن المتواصل، والمركز الذي ينقله من حال عادية ساعية للنجاح في الحياة إلى حال تفضل الخلاص من الحياة كلياً).
ولو طرحنا السؤال التالي على مؤلف الكتاب - سلمه الله - وهو: ما نوع ومصدر الإرهاب في المملكة العربية السعودية؟
فالجواب أن جذور الإرهاب في المملكة جذور فكرية وعلى هذا الأساس يرى المؤلف أهمية إنشاء مراكز علاجية إصلاحية متخصصة لمعالجة الضالين، فقد غدا واضحاً أن التعامل مع الفكر الجهادي التكفيري بالحوار عن بعد (الإذاعة والتلفزيون)، أو المباشر (عبر مقابلات السجون)، الذي يقوم على سرد الأدلة والبراهين على المنهج المختلف والمقابل لذلك الفكر ليس مؤثراً، فالتعامل بالسر غير كاف، كما يرى المؤلف أن النسق الفكري للضال عملية نفسية واجتماعية وفكرية متراكمة لذا فمن المناسب والهام دراسة فكرة إيجاد مراكز إصلاحية متخصصة هذا ويطرح الكتاب محاور عدة، وطرقاً متباينة من شأنها إضعاف جاذبية الإرهاب في عقول الناس وأفكارهم ومبادئهم وهذه المحاور عبارة عن أحد عشر محوراً، سردها المؤلف ببحث عميق، ونفس طويل وهي قد جاءت في الكتاب على الترتيب والتنظيم التالي: الديني، والاجتماعي والوطني، والشبابي، والتربوي والتعليمي، والثقافي والإعلامي والإداري والمؤسساتي، والسياسي والاقتصادي والعلمي والبحث الأكاديمي، وأخيراً ذكر محاور أخرى وهي هامة جداً ومنها ما يخص المرأة السعودية.
ثم يخلص المؤلف إلى حقيقة هامة، وخلاصة جادة فيقول: (الإرهاب فعل منحرف نتيجة فكر منحرف، تغذى على خطاب وعظي منحرف، اتسم بالتعبوية، والفوقية، والأحادية، والنصية والجهادية والاقصائية ولوم الآخرين، ووجد تقبلاً وجاذبية في عقول الشباب وقلوبهم، لعدم وجود البديل المناسب، وتلاءم محتواه مع تكوينهم النفسي والتربوي الغض، وصاحب ذلك جملة من الاختلالات في المجتمع، فأنتج إرهاباً وإرهابيين، وأوجد تعاطفاً بين شرائح واسعة من المجتمع السعودي).
وأخيراً: فقد أبحر الباحث الاجتماعي الناهض الدكتور الفاضل: يوسف بن أحمد العثيمين في ظاهرة الإرهاب التي يواجهها المجتمع، وتعاني منها الدولة، ثم إنه كان يلتقط أنفاس بحثه بعدسة بحثية اجتماعية، أتت على الأخضر واليابس، حتى فزنا بدراسة إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب بهذا المستوى.
عنوان التواصل:
ص ب 54753 - الرياض 11524 - فاكس: 2177739 - hanan.alsaif@hotmail.com