رَكضت في اتجاهه في ليلة شتاء مطيرة؛ تأنس به، تتدثر بضلوعه من البرد، متيمة به، عشقها له يُلهب ظهرها كسوط من نار يجلدها، لم تقو على البوح له بشيء، فقط جلست بجواره حتى ينتهي المطر, تنظر إليه على استحياء تارة، وتارةً تشتعلُ رغبتها في مصارحته، أعد كوبين من الشاي، أحضر لها منشفة، ومعطفاً يخصه, ارتدته، لم تكن تحلم بأكثر من ذلك، رائحته التي كانت تشتمها دائماً، أخيراً تلتصق بها، سرحت في أحلامها بالولوج إلى قلبه الدافئ، كما ولجت إلى هذا المعطف الذي يرتديه دائماً، تمنت أن يرتديها مثلما يفعل به، رشفت من فنجان الشاي الساخن رشفة، وهي جالسة بجوار النافذة، تشاهد هطول المطر، انزلاق قطراته على النافذة، ترجوه ألا يتوقف أبداً، وهو صامت لم يتحدث منذ أن دخلت، إلا ببضع كلمات مقتضبة, انتقل من مكانه خلف مكتبه، جلس قبالتها، نظر إليها، هل تحبين المطر؟ استدارت إليه بعيونها، نعم، قالتها وهي فرحه؛ إنه خرج عن صمته، شرد قليلاً بعينيه، ثم قال: هي أيضاً كانت تحب المطر مثلك تماماً، وكانت تجلس مكانك في ليالي الشتاء، تؤنسني وأنا أكتب، برائحتها التي كانت تعطر دنيتي، أصابها كلامه بذهول جعلها تجفل عن السؤال، استمعت فقط، أردف قائلاً إنها حبيبتي؛ التي رحلت في شتاء العام الماضي، كانت تحب هذا المعطف كثيراً، حتى إن رائحتها لا تزال فيه، سقط فنجان الشاي من يديها، وقفت، خلعته، انصرفت، تجلدها رائحتها.