وضعتْ أحلامها في مكانٍ ضيق من ذاكرتِها الصغيرة.. وكأنها تعلم بأن النهاية موتٌ بطيء سطرته أيديهم لها وهي لا زالت في أول الطريق تستنطقُ جمالَ الحياة ببراءة الطفولة... لكن الأزمات تُظهر الحقائق المؤلمة عندها يُسكَب الدمع من عروق الألم على طفولة تُغتال لحظة التوق لجرعات شفاء يمن الله بها عليها ليُحقن ذاك الجسد النحيل بدمِ الموت البطيء. قالوا إنه خطأ نقدمُ اعتذارنا.. والاعتذار هو اعتراف.. لكن!
عجباً أي إعتذار يُقدم لخطأ قاتل..هل هو خطأٌ إملائي يُصحح بجرة قلمٍ أحمر ثم يُقدم الاعتذار.. أو هو زلة لسان وجمرة غضب تُطفئ بكلمة سامحونا لم نقصد!!!؟؟
يستدير الزمان والمكان فينسى الصافعُ فعلته ولا ينسى المصفوع صفعته.. والحكمة يا وزارة الصحة تقول: طوبى لمن أهدى إليّ عيوبي.. ترى كم من العيوب أهداها لك المواطن.. وكم من الأوجاع والأخطاء والإهمال والتقصير أهديتهِ للمواطن!!؟؟؟
يا وزارة الصحة، مع احترامي وتقديري لك..هل تعلمين أن موت المريض بين جدران بيته وفي أحضان أهله خيرٌ له من أن يموت عشرات المرات وهو لا يزال يعانق الحياة في غياهب المستشفيات.
ريهام ضحية الدم الملوث القاتل... قصة من قصص كثيرة تحكي مسلسل الفزع الذي يعانق الأجل بفرط عشوائية تشخيصٍ طبي خاطئ للمريض وكأن لا قيمة للإنسان ولا عزاء للمتضررين.
ريهام التي تعلمت في مدرستها أن العقل السليم في الجسم السليم.. ذهبت إلى المستشفى لتحمي سلامة عقلِها من ألم جسدها كانت تمتلئ تفاؤلاً وأملاً وثقة وهي بين يدي من يعالجها.. وكانت تدرك رغم براءتها وصغر سنها أن الطبيب هو الشخص الأمين على حياتها وحياة كل المرضى.. لكن الكارثة التي حدثت يندى لها الجبين جريمة اغتيال طفولة يتبعها اعتذار لتسأل ريهام.. هل تريدون مني أن أمنحكم فرصة إلتماس العذر بعدما حقنتم جسدي بدمٍ قاتل!؟
ألا يكفي أنيني ومعاناتي لتصادروا حياتي..؟ ريهام التي أبكتنا جميعاً طالبتنا بالدعاء لها بقولها [ادعوا لي].
صورة من صور المعاناة لواقعٍ مرير يحدث بين الحين والآخر شبح الأخطاء الطبية المتكررة والمفزعة والصمت السائد في التعامل معها رغم فداحة الكثير منها والفواجع تتكرر بتكرار مسلسلها حتى باتت كابوساً يقضُ مضجعَ المرضى وأهلهم ومن ينجو منها فقد منحه الله عمراً جديداً.
ترى هل وصل الأمر إلى أن يخشى المريض ألف مرة قبل أن يذهب إلى المستشفى طلباً للعلاج..؟ وهل فقد المواطن الثقة في الخدمات الطبية المقدمة له؟ لكن رب ضارة نافعة فما أصاب طفلة الوطن ريهام شفاها الله كان بمثابة ضوء سُلِط على الواقع المرير الذي تعاني منه الكثير من مستشفياتنا على اختلاف مواقعها وأعطت صورة جلية عن ما يحدث داخل أروقتها وخلف كواليسها من مهازل الإهمال والتقصير وعدم المبالاة.. ناهيك عن الأخطاء الطبية المفزعة.
عزيزتي وزارة الصحة: المواطن اليوم يتحدث بصوت عالٍ عن واقعٍ ملموس مؤلم ومرير يعاني منه المرضى... ويستند لمبدأ الخطأ والصواب والمسألة أرواح بشر إما حياة أو موت.. والتزام الكوادر الصحية بكافة فئاتها تجاه المرضى هو التزام عناية صادقة وتحقيق غاية منشودة تتفق مع مبادئ وأصول مهنة الطب.
zakia-hj1@hotmail.comTwitter @2zakia