في الشـهور الأخيرة حدثت انتهاكات واضحة ومؤسفة بحق مصير ومستقبل أطفالنا، والمتوقع أن يحدث حراك قوي على مختلف المستويات لإنقاذ أرواح هؤلاء الأطفال ومن يشابههم من المستضعفين من الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، خاصة أن أغلبهم من الفئات الاجتماعية البسيطة التي تعاني وتواجه ظروفاً صعبة في حياتها! وسأستعرض معكم أقوى هذه الحالات، وهي:
- قضية “لمى” التي توفت بالمستشفى بسبب تعنيف والدها الشديد، لكن مازال والدها ينتظر الإفراج والأم تطالب بالقصاص والتعويض المالي لما أصاب طفلتها التي دفعت روحها ثمناً لمفاهيم خاطئة عن توريث الآباء لامتلاك الأطفال بعد الطلاق على الرغم من وجود الأم الصالحة للتربية والرعاية! كمثل قضية لمى وغيرها كثير، من المفروض محاسبته هنا؟!
- أيضاً قضية الطفل راكان الذي تعرض لحروق شديدة من أقرب الناس له “الأبوين” والمتوقع منهما توفير البيئة والحياة الطبيعية له، ويكونان الحضن الآمن له، وتطورت حالته للأسوأ حتى تدخل “الجدّ” لإنقاذه والاستنجاد بالجهات المسؤولة لحمايته وعلاجه وإيداعه المستشفى لتقديم العلاج المناسب له. هنا من المسؤول عن تكرار حالات الأطفال المُعنفة من أقرب الناس لهم بدون خوف من المساءلة والعقاب، وإن تم عقابهم فإنها عقوبات لا توازي حجم الإيذاء الواقع على الضحايا من الأبناء!
- ونأتي إلى قضية أطفال جيزان “رهام” التي نُقل لها دماً ملوثاً بالإيدز، وأتبعتها صحة جيزان بالطفل. “مفرح” الذي فقُد إحدى عينيه وأُصيب بالشلل بسبب خطأ طبي آخر! وغيرهم من ضحايا الأخطاء الطبية المنسية والمتكررة في القرى والمحافظات والذين لم يحالفهم الحظ في تناول معاناتهم إعلامياً! من المسؤول هنا عن محاسبة المخطئين بدون رحمة؟
جميع هذه الحالات المؤسفة التي تؤكد غياب العقوبات الرادعة سواء في الحالات الأسرية أو الطبية أو الاجتماعية والقضائية، بسبب عدم اختيار الكفاءات المؤهلة، لن تتوقف عن استمرارها إلا بفرض أشد العقوبات على كل من يتهاون في أرواح الأبرياء! فالقاضي الذي يستهين بمطالبات الأمهات المطلقات لحضانة أطفالهن وبعدها بشهور يكون الطفل جثة هامدة بسبب عنف والده أو زوجته، فإنه يشارك في هذه الجريمة ولابد من عزله من منصبه ومحاسبته على الاستهانة بمصائر الأطفال المشتتة! والآباء الذين لا يتقون الله في رعاية الأمانات التي كلفهم الله بحفظها ورحمتها لابد أن تُسنّ القوانين الرادعة لتعذيبهم لفلذات أكبادهم وتُجرم أفعالهم اللا إنسانية بحق هؤلاء الأبرياء ويتم تطبيق حدّ الحرابة بحقهم لأنهم من المفسدين في الأرض حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات ببساطة بشكل يومي! ومهازل الأخطاء الطبية في بلادنا الغنية بثرواتها المتعددة وصمة عار بحق وطن يستقطب أغلى الكفاءات العربية والأجنبية لتشغيل المدن الطبية المنتشرة في البلاد، وفي النهاية أخطاء مفجعة بحق المرضى المساكين الذين أصبحوا يتسولون الخدمة الطبية المناسبة، ويتوسلون المعنيين بعلاجهم لرحمتهم ومتابعة حالاتهم بكل الأمانة والضمير الحيّ الذي أصبح مفقوداً في مشاهداً كثيرة ما دامت عين الرقابة نائمة عن محاسبة من لا رحمة في قلبه ولا أمانة في عمله!
moudyahrani@ تويتر