فقدت المملكة والشعب السعودي واحداً من أركانها ورجالاتها العظام بوفاة الأمير سطام بن عبدالعزيز -رحمه الله- حيث كانت لسموه الأيادي البيضاء والآراء النيرة في عملية التطوير والتحديث اللتين مرت وتمر بهما بلادنا وهو الحاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة سان دياغو الأمريكية منذ عام 1965م حتى حصوله على الدكتوراة الفخرية, فقد كانت لسموه الكلمة الأولى في رعاية مصالح أبنائه المواطنين في سرائهم وضرائهم.

كان سمو الأمير سطام -رحمه الله- ذا مواقف عظيمة وإسهامات كبيرة وحضور مشرف على الصعيد الداخلي, كما عُرف عنه حنكته وذكاؤه وقيادته للأمور بحكمة وهدوء, حيث يتميز بحلمه اللامحدود وصبره وصرامته وحزمه في الوقت نفسه وكرمه وسخائه وحبه لفعل الخير، ويعرف الكثيرون عنه تواصله مع أبناء الشعب بكل بساطة وهدوء وتقبله للأمور برحابة صدر فيما يحظى بحب واحترام الجميع.

كما كان سموه محباً شغوفاً بفعل الخير في حياته آثر سموه -رحمه الله- فعل الخير بعد مماته حيث قام الأمير سطام قبل وفاته بالتوقيع على بطاقة التبرع بالأعضاء التابعة للمركز السعودي لزراعة الأعضاء لمرضى الفشل الكلوي وقد كتب في بطاقة التبرع بالأعضاء التي وقعها: (أقر أنا الموقع أدناه بأنني أخبرت أقربائي بشأن رغبتي في التبرع بأعضائي المبينة أدناه بعد وفاتي، وذلك بغرض زراعتها لمن يحتاج إليها من إخواني المرضى. والله خير الشاهدين).

كما أنه تولى العديد من الملفات الإدارية لخدمة المصلحة العامة وواصل المهام المختلفة التي من شأنها تطوير ورفع مكانة إمارة الرياض من خلال التدريب والتعليم المستمر, ورفع معنويات منسوبي الإمارة ليترجم ذلك عملاً دؤوباً في الإمارة وكأنها خلية نحل لا تتوقف عن العمل أبداً.

كما كان لملازمته رحمه الله لمقام سمو ولي العهد الأمير سلمان عندما كان أميراً لمنطقة الرياض خير معين بعد الله له على ما اكتسب واستلهم من خبرة سموه الكثير من الدروس النظرية والتطبيقية في ميدان الحكم الإداري, وإمارة الرياض هي مدرسة من مدارس الحكم.

كما أسهم على مدى السنوات الطويلة الماضية في مسيرة التنمية والتقدم في المملكة والحفاظ على استقرارها وتماسك نسيجها الاجتماعي، حيث استطاع بعد توفيق الله أن يعمق ويقوي أواصر التعاون الاجتماعي بين مواطنيها ومسؤوليها للحفاظ على وحدة وقوة الجبهة الداخلية والتآزر بين عناصرها في شتى المجالات في حين يتسم بسعة المفاهيم والتوازن بينها الذي يغلب فيه جانب جلب المصالح للوطن والمواطن بما يحقق الخير من جميع جوانبه للعباد والبلاد وظهور حماسته الواضحة في هذه الشمولية ويجد ذلك كل متابع للمشروعات التي يرعاها, وأنا كمحام وكرجل قانون آلمني نبأ وفاة سموه الكريم وكنت قد لمست منه أنا شخصياً وزملائي المحامون احترامه لدور المحامي وتطبيق النظام وإرساء قواعد العدالة، حيث تعامل سموه مع الجميع من مواطنين ومقيمين كأب وأخ لهم جميعاً وليس كمسؤول.

فقد الوطن برحيل سمو الأمير سطام -رحمه الله- رجل الإدارة والمسؤوليات الجسام, ومسؤولاً أوكلت إليه ملفات أكبر إمارة في المملكة فإدارها بنجاح واقتدار وحقق لبلادنا بتوفيق الله ثم بتوجيهات القيادة الرشيدة التطور والازدهار اللذين هما أساس الاستقرار والنماء الذي تنعم به بلادنا التي أصبحت في مصاف الدول المتقدمة وعزاؤنا بمن سيأتي خلفه من الأسرة المالكة, لذلك لا خوف من بعده على مستقبل الإمارة حيث سيسير خلفه على نهجه ويخطو على خطاه -يرحمه الله-.

وفي رحيل أمير منطقة الرياض لا تجد الكلمات ما تقوى به على التعبير عن حرقة الفقد وفاجعة الرحيل سوى أن نستمد من شكيمة الفقيد ومن طول صبره واحتماله أثقال تكاليف خدمة الوطن بوجه طلق وصدر منشرح, وأن نستمد من نبل هذه الخصال القدرة على احتمال هذا الغياب والدعاء لله -عز وجل- أن يلهم الوطن ومواطنيه الصبر والسلوان ويسكن الفقيد فسيح جناته مع أحر التعازي لقائد هذه البلاد -حفظه الله- خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وأبنائه سمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام وسمو الأمير فيصل بن سطام في وفاة فقيد الوطن أمير منطقة الرياض سمو الأمير سطام بن عبدالعزيز -يرحمه الله-، وأن يعوضه مثيلاً له.. والعزاء أيضاً للأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الكريم.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

المحامي/ كاتب فهد الشمري