في كلمته البليغة، خاطب الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعضاء مجلس الشورى متحدثاً بما أوجزه لهم أمس الأول عن أبجديات تفعيل أعمال المجلس، وقال كلاماً مباشراً لا غموض فيه عن سداد الرأي والمشورة التي ينتظرها الملك والوطن والمواطن منهم، وتحدث بثقة واطمئنان، وبفرح لم تخفه نظراته وقسمات وجهه عن سعادته بمشاركة بنات الوطن في المسؤولية.
***
في كلمته تلك التي بدأها بالتوكل على الله، ركز على أن يكون تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية، ونبه الأعضاء والعضوات إلى الابتعاد عن العجلة، لأنها قد تحمل في طياتها - كما قال - ضجيجاً بلا نتيجة.
***
ومن المضامين الأخرى المهمة في كلمة عبدالله بن عبدالعزيز ما قاله من أن التطور الذي ننشده ونسعى إليه جميعاً، إنما يقوم على التدرج بعيداً عن أي مؤثرات، بمعنى أن دخول المرأة في مجلس الشورى، وعمل المجلس لا علاقة لكل منهما بأي تأثيرات خارجية أو إملاءات داخلية، فهي قرارات سيادية، والمجلس له استقلاليته، واختيار الأعضاء وتسميتهم يتم من الملك شخصياً ضمن متطلبات وشروط يجب أن تتوفر فيهم.
***
ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين بذلك، وإنما نبه الأعضاء والعضوات بأن مكانهم في مجلس الشورى ليس تشريفاً بل تكليف وتمثيل لكل شرائح المجتمع، مضيفاً بأن لهذا التكليف تبعاته من المسؤولية، مطالباً إياهم بأن هذه المسؤولية تفرض عليهم تفعيل العطاء وتحكيم العقل في مواجهة أي مسألة تعرض عليهم.
***
كانت الكلمة قصيرة ومقتضبة، لكنها كانت تحمل دلالات مهمة ومضامين كثيرة، كما لو أنه كان يقدم - حفظه الله - وسائل إيضاح للأعضاء والعضوات في بدء السنة الأولى من الدورة السادسة لمجلس الشورى. وكان هذا الدرس والتوجيه الكريم يتم بحضور سمو ولي العهد وسماحة المفتي والعلماء والمشايخ، ما يعني تقدير أصحاب الفضيلة لهذا التوجه من الملك بإشراكه المرأة لأول مرة في مجلس الشورى.
***
إذاً - وكما قال الملك - فإن من الحكمة وبعد النظر وفي كل خطوة تُقْدِم القيادة عليها أن تلتزم بمبدأ التدرج والابتعاد عن العجلة، وأن يمارس كل عضو عمله بوعي وعقلانية. وهذه من السياسات الثابتة والمهمة التي قامت وتقوم عليها إدارة الدولة في بلادنا، بما مكنها من أن تتبوأ هذه المكانة المرموقة في عالم تموج بعض دوله بالكثير من معوقات التنمية والتحديث، وهو ما يسعى خادم الحرمين الشريفين إلى تجنيب المملكة من كل معوق قد يحول دون استمرار تطورها المنشود.
