تبعاً لمقال الأسبوع قبل الماضي بعنوان من المسؤول عن تعطيل التنمية، أود هذا الأسبوع الحديث عن أهمية تسريع عجلة التنمية في بلادنا حفظها الله و العمل على رفع كفاءتها.
الحقيقة أنه عندما تتحدث للكثير من المسؤولين في الهيئات و المؤسسات العامة و الخاصة تجد أن بلادنا -و الحمد لله- لا ينقصها حب الوطن و الانتماء إليه و العمل و الحرص على الإرتقاء به إلى مصاف الدول المتقدمة صناعيا و تجاريا و حضاريا و ثقافياً، و لا ينقصها الإخلاص و التخطيط سواء كان قصير المدى أو التخطيط الإستراتيجي بعيد المدى، و لا ينقصها الكفاءة لوجود الكثير من المسؤولين و أصحاب القرار خريجي أرقى الجامعات العالمية و المحلية، و لا ينقصها توفر المال الضروري لتنفيذ هذه الخطط لوجود الدعم اللا محدود من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله-، و لا ينقصها الحاجة للتطور و التقدم أو إبراز الحاجة لذلك من قبل وسائل الإعلام المتعددة المقروءة و المرئية و المسموعة. إنما ينقصها تبني و تطبيق العديد من المفاهيم الضرورية لتسريع عجلة التنمية الوطنية لتعمل بقوة و كفاءة و فاعلية و انسيابية و بطريقة متكاملة. أتحدث هنا عن بعض المفاهيم الإستراتيجية التي تساعد على التعجيل و رفع كفاءة عجلة التطور مثل مفهوم المسائلة (المحاسبة) الدورية، و مفهوم تضارب المصالح، و مفهوم التطوير المستمر بما فيها تطوير القوانين و الأنظمة القديمة التي لم تعد تتماشى مع القرن الواحد و العشرين و تطوراته التقنية و الحضارية و الاجتماعية و السياسية بل و حتى الدينية، و مفهوم البعد عن المركزية في اتخاذ القرار، و أخيرا مفهوم التنسيق و التكامل بين المجهودات المتعددة الحالية و المستقبلية لنصل إلى أهدافنا الإستراتيجية و نرتقي ببلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة.
فعندما نطالب بتطبيق صارم لمفهوم المسائلة المستمرة للكل، سواء كان صغيراً أو كبيراً، فإن ذلك لهدف القضاء على التأخير الممل جداً في تنفيذ الخطط الإستراتيجية و القضاء على سوء التنفيذ الذي نراه -مع الأسف الشديد- في الكثير من المشاريع، و الحد من ظاهرة الفساد بشتى أنواعه.
وعندما نطالب بتطبيق صارم لمفهوم تضارب المصالح، فإن ذلك لهدف إبعاد تأثير المصالح الشخصية على عملية اتخاذ القرار فتكون القرارات جميعها مجردة من كل مصلحة شخصية و تصبح مصلحة الوطن هي المصلحة الأولى و الأخيرة.
و عندما نطالب بتطبيق صارم لمفهوم التطوير المستمر لجميع العاملين في القطاع الحكومي و الخاص، فإن ذلك لهدف الارتقاء بجميع الخدمات و المشاريع تطبيقا لقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ..الحديث»، فلا بد من تطوير قدرات جميع العاملين للوصول إلى درجة الإتقان و تحقيق مبدأ التطور المستمر الضروري لتسريع عجلة التنمية.
و عندما نطالب بتطبيق صارم لمفهوم تطوير الأنظمة و القوانين القديمة، فإننا نطالب بأنظمة و قوانين مبنية على القواعد و النظريات العلمية الحديثة و التقنيات الجديدة الملائمة لهذا العصر المتسارع.
و عندما نطالب بالبعد عن المركزية في اتخاذ القرار، فإن ذلك لهدف القضاء على الروتين و البيروقراطية المملة المتسببة في تأخير اتخاذ القرار و المتسببة في تعطيل تنفيذ الكثير من الخطط الإستراتيجية و الأنظمة الموضوعة من قبل المتخصصين. فمثلا نظام التدخين: يكفي إقراره من قبل وزارة الصحة أو حتى جمعية مكافحة التدخين لكي يصبح قانوناً يُعمل به بدلا من ضرورة إقراره من قبل عدة مجالس تجعله في دوامة لا تنتهي. كما يؤدي تطبيق هذا المفهوم (البعد عن المركزية) إلى إعطاء رؤساء الدوائر بعض الحرية في تطوير الأنظمة حسب ظروف و ما تقتضيه مصلحة المنطقة بدون المساس بالإستراتيجيات الكبرى.
و عندما نطالب وزارة التخطيط بتطبيق مفهوم التنسيق بين الخطط الإستراتيجية المطورة من قبل المؤسسات و الهيئات الحكومية و الخاصة (الرئيسية)، فإن ذلك لهدف عدم السماح للازدواجية و التأكد من تناسق جميع هذه الخطط و تكاملها و ارتفاع مستوى تنفيذها.
فلنعمل جميعا لتسريع تطبيق هذه المفاهيم بصرامة و دقة، و نضع أيدينا مجتمعة لتسريع عجلة التنمية لتصبح المملكة العربية السعودية من أوائل البلاد المتقدمة حضاريا و صناعيا و سياسيا و اقتصاديا و عمرانيا بل وحتى دينيا و رياضياً.
www.saudienergy.netTwitter: @neaimsa