الرشاوى وغسل الأموال أصبحت تجارة تدر على بعض السلطات الدولية أموالاً ضخمة من خلال التسوية خارج المحاكم، أو الغرامات الضخمة التي تفرضها على الآخرين. فبعض السلطات الدولية باتت تركز في الآونة الأخيرة على السوق السعودية، بعد أن جنت كثيراً من الأموال والغرامات المالية من أمريكا وأوروبا ودول آسيا وإفريقيا،
وهي إن فعلت ذلك ستكبد بعض مؤسساتنا وهيئاتنا وشركاتنا المالية والتجارية والاقتصادية والمصرفية غرامات ضخمة.
المراقبة لا تعني التشكيك في الذمم، ولكن تعني تحقيق أسس الرقابة العالمية ومتطلبات الحماية والنزاهة لجميع الهيئات والمؤسسات المالية والاقتصادية الوطنية، وخاصة هيئة سوق المال، وهيئة الاستثمار وقطاع المصارف. فجميع مؤسساتنا الحكومية والخاصة بحاجة إلى مراقبة مهنية وقانونية عالية، ومتابعة لكل ما يحدث فيها، وأن يكون ذلك من قبل جهات مستقلة، لتحقيق أعلى معايير النزاهة وضمان جودة العمل.
صعوبة الحصول على التصاريح والتراخيص تؤدي في بعض الأحيان إلى تحقيق مصالح شخصية قد تتعارض مع الأنظمة والقوانين، حيث إن بعض المؤسسات والهيئات المالية ليست منزهة من حدوث مخالفات مالية. ومن غير المستغرب أن لا يحدث هذا في أسواقنا المالية، لأننا جزء من العالم نتأثر ونؤثر به، على سبيل المثال نفت (شركة باركليز السعودية) أنها قامت بدفع أي مدفوعات مالية غير نظامية إلى هيئة سوق المال أو أي من موظفيها، مقابل منحها التصريح او رخصة العمل في السوق المالية السعودية.
سرعة النفي من بعض المؤسسات والهيئات المالية والشركات المحلية قبل التحقق والتأكد ليست محمودة، وفي العادة يكون النفي إثباتاً على الخلل، لذا يفترض إن يكون هناك أنظمة وقوانين وآلية خاصة عند طلب مؤسسات مالية أجنبية تراخيص للعمل في السوق السعودية. لأن المشكلات الجديدة الناجمة عن عمليات التطور العلمي والمعرفي والتقني والمالي، قد تجعلنا تحت طائلة القانون، إما لجهلنا او لتغاضي بعضنا.
الكشف عن بعض التجاوزات التي قد تكون حدثت داخل أسواقنا المالية من قِبل جهات خارجية (مثل أنظمة قضائية أمريكية أو وسائل إعلام غربية) لا يقبلها أحد، وشيء يسيئ لسمعتنا المالية والاقتصادية، فمن المفترض كشف هذه التجاوزات والمخالفات قبل حدوثها بوقت كاف، وقبل أن تظهر للغير، ويفترض وضع الآليات والأنظمة والقوانين الخاصة لضبطها، ويجب التشديد والرقابة الصارمة على جميع الهيئات والمؤسسات المالية العاملة في المملكة، ومنع وقوع مثل هذه المخالفات قبل حدوثها.
ما دعاني للحديث عن هذا الموضوع، هو ما تردد في الأوساط المالية العالمية أن (بنك باركليز) قدم مدفوعات مالية غير نظامية لبعض المؤسسات والهيئات المالية المحلية والدولية، في إطار جمع الأموال. وما زال البنك رهن تحقيق فيما يتعلق بتلاعبه في أسعار الفائدة (الليبور)، حيث فجرت الفضيحة انتقادات على البنك، وواجه غرامات مالية كبيرة من الهيئات الأمريكية والأوروبية والدولية لمعاملات غير سليمة في الأسواق المالية العالمية.
آن الأوان إلى إنشاء (هيئة خاصة لمكافحة جرائم الاحتيال المالي) لضمان حماية أسواق المملكة المالية من أي قضايا دولية مرتبطة بمخالفات مالية، ويجب على مؤسساتنا وهيئتنا المالية والبنك المركزي (ساما SAMA) وضع ضوابط وآليات للرقابة الصارمة، للتأكد من عدم وجود ثغرات أو تجاوزات مالية، وعدم منح أي تراخيص أو تصاريح مالية إلا بعد استيفاء جميع الشروط والضوابط الخاصة بمنح التراخيص، وبياناً لسلامتها القانونية والمالية في بلادها، لأن الاحتيال والنصب والمخاطر إن حدثت في بلاد المنشأ، فإن حدوثها عندنا لذات الشركة أمر متوقع.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية